البريكس/ الواعد .. يشق مساره الصعب
انعقدت قمة دول مجموعة البريكس، يوم الثلاثاء 22 غشت 2023، بجنوب إفريقيا، تحت عنوان : ” بريكس و إفريقيا” : شراكة من أجل النمو المتسارع و التنمية المستدامة و التعددية الشاملة .
كيف تشكلت هذه المجموعة ؟ و ما هي رهاناتها ؟ ما هي المعيقات التي تواجهها ؟
ما هو مستقبل هذه المنظمة بعد توسيعها ؟
البريكس منظمة اقتصادية و سياسية، بدأت المفاوضات لتشكيلها عام 2006، و عقدت أول مؤتمر قمتها سنة 2009 .
كان أعضاء المجموعة من الدول ذات الاقتصادات الصاعدة و هي : البرازيل ، روسيا ، الصين ، و الهند تحت اسم ” بريك ” ثم انضمت بعد ذلك جنوب إفريقيا إلى المنظمة، لتصبح تسميتها ” بريكس ” ، و يشتق اسمها من الأحرف الأولى لأسماء دولها بالحروف الإنجليزية :
Brésil
Russia
Inde
Chine
South Africa
BRICS
بعد انضمام جنوب إفريقيا إلى المنظمة، أصبحت هذه الأخيرة تمثل القارات الأربع الكبرى : آسيا ، إفريقيا ، أوروبا ، أمريكا، و مساحتها تشكل ثلث مساحة الكرة الأرضية ، و تمثل 40% من سكان العالم و حصتها من الناتج المحلي العالمي 23% و 20% من الإنتاج الصناعي العالمي و 17% من التجارة العالمية و مساهمتها في الاقتصاد العالمي وصل إلى 31,5% و قد تجاوزت حصة الدول السبع الكبرى G7 التي تساهم ب30,5% فقط و هي : الولايات المتحدة الأمريكية ، كندا ، المملكة المتحدة ، فرنسا ، ألمانيا ، اليابان ، إيطاليا، ينضاف إلى G7 تكتل الاتحاد الأوروبي.
تتميز منظمة BRICS بتسارع معدل نمو اقتصاداتها و ديمومته، كما تتوفر على موارد طبيعية هائلة كالنفط و الغاز بالنسبة للاتحاد الروسي و ثروة زراعية و حيوانية في البرازيل، و بنيات معلوماتية متطورة في الهند، كما تشكل الصين الشعبية ثاني اقتصاد عالمي و قوة صناعية هائلة في العالم، كما أن الأنظمة السياسة لهذا الدول تتميز بالقرار السياسي/ السيادي المستقل على المستوى العالمي و لا تخضع للهيمنة الغربية ممثلة في الولايات المتحده الأمريكية و الدول الاستعمارية التابعة لها و الذي يشكل حلف الشمال الأطلسي ذرعها العسكري، و صندوق النقد الدولي و البنك العالمي ذرعها المالي .
إن دول البريكس قد فرضت نفسها في العالم من خلال تطور التجارة البينية بين دولها و استعمال العملات الوطنية كما حصل بين روسيا و الهند و روسيا و الصين و في المستقبل بين البرازيل و الهند، هذا المنحى يضرب في الصميم هيمنة الدولار الأمريكي في المعاملات المالية العالمية، كما أن BRICS قد أسست منذ 2014 بنك التنمية الجديد برأسمال أولي يبلغ 50 مليار دولار امريكي و مدينه هي رئيسة جمهورية البرازيل اليسارية روسيف ، لمنح قروض ميسرة لأعضائها و الدول السائرة في طريق النمو في عالم الجنوب و صندوق احتياطي بمليغ 200 مليار دولار أمريكي، لمواجهة الأزمات المالية والكوارث الطبيعية لدولها و دول العالم الثالث، كما تفكر في إصدار عملة موحدة للبريكس، من أجل القضاء على هيمنة الدولار الأمريكي في المعاملات المالية و التجارة العالمية .
هذه القوة الاقتصادية الصاعدة و التي تمزج بين القوة الاقتصادية و استقلال القرار السيادي، أصبحت قوة جيوساية في عالم اليوم و ستزداد قوة و فعالية عند انضمام دول أخرى إلى هذا القطب الجذاب و الذي يشكل بداية تأسيس لنظام عالمي جديد متعدد الأقطاب، يسوده القانون الدولي، لتخليص البشرية من مآسي الحروب و العقوبات المالية و الحصار الاقتصادي الجائر الذي نهجته و تنهجه الولايات المتحدة الأمريكية و تابعيها من دول الناتو ، في فيتنام و أفغانستان و العراق و سوريا و ليبيا و اليمن و كوبا و فنزويلا، و عموما في أمريكا اللاتينية و أفريقيا و دول أمريكا الوسطى و جزر البحر الكاريبي.
في المؤتمر الأخير للبريكس في جنوب إفريقيا، توصلت المنظمة بطلب 23 دولة للانضمام إلى هذه المجموعة، من بينها : أندونيسيا ، ماليزيا ، المملكة العربية السعودية ، الحزائر، مصر، الإمارات العربية المتحدة… و هي دول قوية من الناحية الاقتصادية و المالية و بعضها بدأ يخرج من عباءة الولايات المتحدة الأمريكية ، كالسعودية باعتبارها قوة اقتصادية و مالية هائلة، مع ارتفاع أثمان النفط و عدم خضوعها لاملاءات الولايات المتحدة الأمريكية فيما يتعلق بخفض السعودية لإنتاج البترول في منظمة OPEC+ و من هناك توطدت علاقة السعودية بروسيا كأكبر مصدرين للبترول في العالم، كما عملت السعودية بقيادة محمد بنسلمان على توطيد العلاقة مع الصين الشعبية، من خلال عقد قمة سعودية – صينية و قمة صينية – خليجية، و جل صادرات المملكة العربية السعودية من النفط يتجه نحو الصين، كما أن الجزائر بفضل انتاج النفط و الغاز و التي قطعت مع المديونية من صندوق النقد الدولي و البنك العالمي صفر ديون ، ستساهم كل من السعودية و الحزائر، من خلال الفائض المالي في تقوية بنك التنمية الجديد للبريكس .
هذه القوة الاقتصادية والسياسية الصاعدة للبريكس، تشكل تهديدا حقيقيا لنفوذ و هيمنة الولايات المتحدة الأمريكية و تابعيها؛ لذلك ستعمل هذه الأخيرة على عرقلة تطور منافستها القوية بشتى الوسائل، لكن منظمة البريكس، حاليا و مستقبلا، و من خلال انضمام قوى إقليمية فاعلة كإيران و السعودية و الجزائر و أندونيسيا و المكسيك و الأرجنتين و فنزويلا و نجيريا و غيرها ستقوي مكانة BRICS لمواجهة مخططات القوى الامبريالية الغربية .
عبد العزيز بلحسن
فاعل سياسي و نقابي و حقوقي / المغرب
إن الآراء الواردة في هذه المقالة، لا تـُعبّر بالضرورة عن رأي موقع "بديل"، وإنما عن رأي صاحبها حصرا