بنية القصيدة النرجسية قراءة في تجرية عبد السلام بوحجر


على سبيل التقديم:

    يمكنكم الاشتراك في نشرتنا البريدية للتوصل بملخصات يومية حول المقالات المنشورة على الموقع

    الاشتراك في النشرة البريدية

    “الغناء على مقام الهاء” للشاعر عبد السلام بوحجر منجز شعري على درجة لافتة من الإبداع، يعلن، كسابقه “ستة عشر موعدا” ولعا بالإيقاع بكل مكوناته العروضية والبلاغية، من بحور وقواف ينتقيها الشاعر بعناية، وإيقاعات داخلية قوامها الترصيع والتجنيس والموازنات والتشاكلات الصوتية بمختلف ترسيماتها التي ترفع منسوب الكثافة الموسيقية. وهو أمر جدير بأن يتناول نقدا بعد أن تجاوز مرحلة التجربة إلى مرحلة الرهان الشعري، لأن الشاعر لم يقتصر عليه في الديوان السابق وإنما امتد إلى نصوص هذا الديوان، مما يرسخه كبصمة دالة على تجربة الكتابة الشعرية عند عبد السلام بوحجر. كما أنه ديوان يظهر شغفا بالصورة الشعرية الكثيفة الدلالات، وولعا بمغامرة اللغة، حيث الصياغة الرصينة الباهرة والمعنى المباغت، ثم إنه تجربة شعرية  تحتفي بالذات والقصيدة من خلال رؤية قوامها التذويت والتأمل في المنجز والمسار، رؤية حشد لها الشاعر أساطير ظاهرة ومضمرة كأسطورة نرسيس وهيلين، وهي أساطير تسند هذا التذويت اللغة التي وظفت لإبرازه، ولشحنه بالطاقة النفسية وبالأنساق اللغوية والدلالية. ولعل هذا الحضور النرجسي بدأت بوادره في الديوان السابق مما يجعلنا نميل إلى أن العملين تجربة شعرية متكاملة، ونلح على رهان الامتداد الكفيل بمنح التجربة خصوصيتها وتفردها. وفضلا عن ذلك يهتم الشاعر بموضوعات بعينها، يحاول إبرازها وتأسيسها في تيمات جديدة، وبطريقة قد لا تكون مألوفة كتيمات الكتابة والافتتان بالذات ولعنة الجمال. وقد حفلت النصوص أيضا بديناميكية تجريبية طافحة، حيث الحضور السردي اللافت والإنجاز الأوتوبيوغرافي المعبر عن اقتحام مجاهل السرد وتوظيفه بطرقة خاصة في قصائد مثل “من مشاكسات امرأة” و “في حفل تكريم” و”في الجزائر”، مع تنويع الضمائر من المتكلم إلى المخاطب إلى الغائب، وتلقيح هذا السرد بحوارات تزيد النص حيوية وتمنحه حركيته وتناميه. كما تزود القصيدة بمسارات جديدة قد لا تعيرها في العادة اهتماما، كل ذلك بلغة رصينة لا تتملق ذوق القارئ المهادن بالمباشرة، كما لا تُعْجِزُ المتلقي المتذوق للشعر؛ سائرة نحو الصور المدهشة والواضحة في آن، والتي لا يحتاج القارئ إلا إلى مسافة قريبة لالتقاطها والتمتع باقتناص لحظاتها الرائقة. كيف لا وهي تحتفي بالتفاصيل المتدرجة كالوان الطيف؟

    ولأن الموضوعات والخصائص الفنية كثيرة فإننا، في هذا المقام الاحتفائي والاحتفالي، سنركز على أمر واحد وهو الحضور النرجسي، والذي سبق أن أشرنا إليه إشارات عابرة في دراسة سابقة عن ديوان “ستة عشر موعدا”. والنرجسية كما نحاول طرحها تتفرع إلى: نرجسية الذات، نرجسية الموضوع، نرجسية الرؤية. ولأن المجال لا يسمح بتفريع القول فيها نظريا سنتحدث عنها من خلال إبرازها تطبيقيا.

    لكن وجبت الإشارة قبل ذلك إلى أن النرجسية كرؤية تجلت في تجارب عالمية خاصة تجربة الشاعر مالارميه الذي صنع أسطورة (هيرودياد) و” هيرودياد هي، على مستوى مستوى من مستويات التفسير، الأميرة العذرية الباردة، التي تترفع عن عالم الرجال، غير أنه يمكن أن ترمز، من جهة ثانية، إلى القصيدة ذاتها. القصيدة التي يصعب امتلاكها واقتناصها.” (عصر السوريالية والاس فاولي ص 78) كما أن هذا النرجسية هي ” أكثر وجوه المبدأ الباطني عمقا وغموضا، وهي موقف يفترض في كل شاعر أن يكون هو نفسه موضوع شعره، ويتجلى هذا الموقف في كلام هيرودياد الذي وجهته إلى مرآتها.” (عصر السوريالية ص 84 ـ85) كما أنها ” نرجسية تخطت الحدود التي بلغها نرسيس. ففي حين اكتفى فتى الأسطورة الإغريقية بالنظر إلى مرآة الغدير ليرى صورته فيه ما ينعكس من أشكال العالم الذي أحبه والوجود الذي أراد أن يتوحد به، تمثل هيرودياد الجنس الآخر، وتمثل نرجسية المرأة. فهي لا تسعى لأن ترسخ وحدتها وانعكاس هذه الوحدة في المرأة وحسب…” (ص92)  

    لن أدخل في تفاصيل هيرودياد والتي أرى في شخصيات بوحجر خاصة صورة “مها” شبها كبيرا بها.

    وقد تجلت النرجسية أو يعض ملامحها في قصيدة “مقام الهوى” من ديوان ستة عشر موعدا، والتي كان فيها احتفاء بهذا الجمال الفاتن الذي يصل حد النرجسية، حيث يقدم الشاعر صورة المرأة الساحرة الفاتنة، التي تأتي في الوقت الحالك لتحوله إلى بهجة وجمال وتكسر ما أحاط بالذات من ظلمة قاسية وصلبة راكمتها السنون. امرأة تتبدى في أعلى درجات الفتنة. داهمت الذات على الرغم من حذر ها من كل أنثى تملك إحساسا بأنوثتها و جمالها وقدرتها على السحر في نرجسية واضحة وتمتع بما تخلفه من ضحايا.

    وقد كنت أحذر من نظرات العذارى

    ومن كل فاتنة لا تريد سوى أن ترى ناظريها

    وتمشط من وله شعرها

    في عيون ضحايا هواها الحيارى

    لتسحرهم بسنى حسنها

    فأراهم سكارى

    و ما هم سكارى

    وإذا قارنا هذه المرأة مع “مها” أو”هيلين” أو إحدى النساء المذكورات في الديوان فسنعثر على تطابق تام، وهي كلها تنويعات على أسطورة “نرسيس” بكل تفاصيلها وأبعادها، أو لعل الشاعر بهذا الفعل يحاول أن يجدد الأسطورة ويمنحها راهنيتها. كما نجد حضورا لافتا للمرآة خاصة بصيغة الجمع (المرايا) وهو تكرار معجمي دال على هيمنة معناه ويمنحه صفة الرمز داخل الديوان، وهو إلى جانب الماء من الرموز الدالة على النرجسية.

    ومن التفاصيل الدالة على النرجسية:

    1 ـ الافتتان بالذات: تعشق امرأة وجهها/ في المرايا التي حولها/ تتأمله/ لحظة.. لحظة/ ساعة.. ساعة.

    أو قوله: حين تدرك حتى النهى/ أنها فرقد أو سهى/ أنها الأمل المشتهى.

    أو قوله: فمها تبتغي أن تقبل من شغف فمها/ أن تكسر كل المرايا التي حولها/ أن تسافر منها إليها/ بدون مرايا/ إلى أن يرى وجهها وجهها. (13)

    ـ ووقفتِ/ برهة..  ثم نظرتِ/ نحو كعبيك.. ونهديك/ كمن تعشق أن تدخل في مرآتها.. (51)

    ـ لا خواتم ترتديها/ حين تكتشف الجميلة أنها/ أبهى النساء بروحها/ وندائها المصبوب من أحلى الدنان (67 ـ68)

    2 ـ إعجاب الآخرين بها: الوصيفات من حولها/ كلهن يقلن لها/ أنت أجمل من أجمل امرأة يا مها

    ـ وتمنى كل قلب لو سقاها/ كأس حب ونعيم/ ورواها/ وتمنى كل صب/ لو قضى العمر طويلا في فداها/ وتمنى الكل سقياها/ ولكن / هي أسقتهم كؤوسا من لظاها/ آه ما حنت/ ولا رقت/ كأن لم تتفتح شفتاها/ ذات يوم لفتاها/ أمناها/ أن ترى الناس حيارى في سناها/  أهناها/ أن ترى الناس سكارى في هواها/ أن تراها لا ترى في الدنيا سواها (من 72 إلى 74)

    3 ـ الرغبة والتوسل لنيل رضاها: امنحينا ولو نظرة/ كلمة/ نغمة/ بسمة يا مها

    4 ـ اللامبالاة والإعراض عن الآخرين وعدم الاهتمام بتغزلهم: ما همها/ أن ترى الناس قد نظروا نحوها/ تابعوا صمتها نبضها، طاردوا حسنها/ حزنها/ خدها/ قدها/ شربوا سحر عينين حالمتين/ محلقتين إلى المنتهى/ آه ما همها/ أن ترى العاشقين/ وقد أقبلوا نحوها/ قدموا باقة من ورود لها/ ولها..

    5 ـ الوصف بالفتنة وشدة الجمال: (ما الذي قد تقول القصيدة/ وهي ترى ربها/ قربها/ صاغها/ مثل لؤلؤة منتقاة/ وفي قالب الحسن قد صبها/ “إن ربك أوحى لها”/ فاستوت لوحة نطقت بالبها.

    وإذا ما رجعنا إلى أسطورة “نرسيس” سنجد تطابقا بعيدا في الأوصاف التي يسبغها الشاعر على مها وغيرها. فالأسطورة تحكي أن “نركسوس كان جميلا جدا وكان يعيش في أحضان المياه الجارية والمروج الخضراء. لم يره إنسان أو إله دون أن يعجب بجماله. تخطى نركسوس مرحله الصبا. أصبح في ريعان الشباب. كان يزداد جمالًا وبهاء كلما تقدم في العمر. أحبه رفاقه وأصدقاؤه وأعجب به الذكور والإناث. كان نركسوس مدركا لجماله وإطلالته الجذبة. كان يعرف أنه جدير بإعجاب الجميع وحبهم. لكنه كان لا يتجاوب مع أحد من المعجبين به. كان يصدهم جميعا- ذكورًا وإناثًا- لم يكن يعرف الحب. لم يكن يقيم للعواطف وزنًا. لكنه مع ذلك ظل محط أنظار الجميع ومركز إشعاع للسحر والفتنة.” (عن موقع ويكيبيديا)

    وأحيانا تكون النرجسية مصحوبة بالسادية (لا شيء أجمل لامرأة/ من أن تعذب شاعرا حتى النخاع/ حتى يخر بلا قناع (35)

    لكن بعض المؤشرات كقول الشاعر:

    ما الذي قد تقول القصيدة

    وهي ترى ربها قربها صاغها مثل لؤلؤة منتقاة وفي قالب الحسن قد صبها،

    تجعلنا ننتقل من خطاب التغزل إلى خطاب ميتاشعري، وتصبح المرأة معادلا للقصيدة. وبذلك نعود إلى قراءة النص من جديد على أننا أمام قصيدة نرجسية تتمرأى في مرآة الشاعر ومرايا قرائها. فيصير الديوان في جزء منه “سيرة قصيدة” وفي ما تبقى منه سيرة للشاعر مبدع هذه القصيدة.

    إن هذا الحضور النرجسي سبق وأن بيناه في “مقام الهوى” حيث يبرز النص الشعري ذهولا صادرا عن فتنة وجمال وسحر، يوقع الحليم الحذر في شراكه وحباله. هو أثر في النفس حيث تحيا بالعشق والجمال وهو أثر في الشعر الذي نضب. فمجيئها يبعث القصيدة من خرابها، ويسكب فيها الجمال ويحدث من خلالها الولادة المستمرة والتجدد الدائم .   

    إذن هي ليست فتنة المرأة بل هي فتنة القصيدة الساحرة  بما تملك من جمال اللغة وموسيقى سامقة الإيقاع. ولا أدل على جمال القصيدة من استعارة جمال المرأة الفاتنة . من هنا تتحول نصوص ك”مقام الهوى” أو “عزف منفرد على مقام الهاء” إلى استعارة كبرى تمثيلية، يعادل فيها الشاعر بين القصيدة (المستعار له) والمرأة (المستعار منه) من خلال استعارة هذا البهاء. وفي جل النصوص إيحاءات دالة على ذلك. فالقصيدة ملحاحة مباغتة وفاتنة، يشرب الشاعر كؤوس هواها على وقع معروفة حلوة وندية

    والقصيدة وحدها تكسر عن الفم واليد ظلمة السنون. والفم مجاز مرسل دال على الإنشاد. واليد مجاز مرسل دال على الكتابة. كل ذلك يؤكد أن المرأة لا تعدو أن تكون القصيدة التي لا يبلغ الشاعر قمة حلمه ومجده إلا عبر ما تمنحه إياه من الجمال من خلال سقف الخيال والصور التي يغدقه على النص الشعري. وهو لا يريد أن يبقى عاجزا عن افتضاض بكارة الورق وهو يستحضر الحاسدين الناظرين إليهما على مضض ينتظرون نتائج هذه الخلوة. ولا أصعب من هذا الاحساس الذي جسده الشاعر من خلال الأنثى ولا أبلغ من هذا التعبير. ذلك أنه في الذائقة العربية فحل يفض أبكار المعاني ويسيل ماء الشعر. فإذا نضب ماء شعره غابت فحولته الشعرية.

    كذلك في جل قصائد الديوانين نجد حضورا لافتا للذات الشاعرة، في طموحها الممتد وفي إحساسها العميق بالألم من جراء الإكراهات القوية التي يعانيها المبدع في المجتمع العربي حيث الثقافة مجال موبوء، تسيجه الأخلاق الفاسدة. لكن الشاعر عبد السلام بوحجر يصور تغلبه على هذا الواقع واستمراره في الإبداع وانتصاره على الخصوم مستعملا سلاح الكتابة والقصيدة تحديدا، والتي وجد فيها الفضاء الرحب والمادة الأساس للحياة. يقول في ديوانه السابق:

    - إشهار -

    قمر إلى قمر

    سنبقى شاعرين مسافرين

    إلى مدينتنا البعيدة يا صديقه

    قد وجدنا في القصيدة ماءنا وسماءنا

    وحضورنا في ساحة الحرف النبيل

    وقد يوحي التعبير الشعري بأن المدينة البعيدة معادل للقصيدة لاشتراكها في (الماء ـ السماء ـ الحضور ـ ساحة ) وفي وصف الشاعر الحرف بالنبيل  تلويح إلى أن الحرف ليس دائما نبيلا، وبذلك يمهد تمهيدا ذكيا إلى ما سوف ينتقل إليه في المقطع الثاني الذي يحمِّله مسؤولية التصريح بالإكراهات المالئة للواقع الثقافي، حيث الحسد الذي يعلن الشاعر عدم قبول وصايا أصحابه، وحيث التجارة بالقصيدة. فللقصيدة تجارها المنتفعون باقترافها وفي هذه الاستعارة (تجار القصيدة ) إحساس بالمرارة وتصريح بالنفور والألم والإحساس بالحسرة، يزيد ذلك وصفهم بالعجز والوصولية والادعاء :   

    لا لن ننام على وصايا الحاسدين

    وكل تجار القصيدة بعدما

    وقفوا على أكتافنا

    كي يظهرو للأخرين بأنهم

    أهل المجاز و أنهم أهل البديل

    موقف الشاعر، إذن، واضح مما تعرفه الساحة الثقافية من خلط وادعاء وفوضوية، حيث تهميش الشعراء الحقيقيين، وشهرة الأدعياء والمتطفلين. هذا الموقف فرض عليه اقتراف المباشرة والوضوح، فتضيق ساحة التخيل وتقل الاستعارة، مما ينقل إلينا إحساسه الغاضب، ويعكس درجة انفعاله بالموقف. وهو ما سيستمر في بقية المواقف الشعرية والتي استعمل فيها معجما يعكس القسوة والألم الذين يحسهما:

    قدر علينا أو لنا

    أن يستبد بنا رعاة بلاغة جوفاء

    هذا لا يهم الآن

    لكن الحكاية أننا

    بالشعر زوجنا الغزالة للغزال كما أرادا

    ما أردنا أن نبيعهما لنربح

    أو نصنع من جلودهم الطبول لغيرنا

    والوقت سيده بخيل ..

    موقفان متناقضان يبرزهما الشاعر، الموقف المدعي المستبد المتمسك ببلاغة جوفاء يرعاها، ويتاجر بالقصيدة ليربح، يصنع من جلدها طبلا لغيره. وفي استخدام كلمات ( يستبد ـ رعاة ـ جوفاء ـ الطبول) دقة في التعبير عن الوضع الثقافي الذي يحس بوطأته، لكن إيمانه بأن للتاريخ مصفاته الحقيقية التي تميز الجيد من الرديء يمنحه القوة على الاستمرار. وقد استثمر، للتعبير عن هذا المعنى، الآية القرآنية:” وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض” حين قال: “ما ينفع الناس يبقى”

    من هنا تنكشف الرؤية الشعرية التي يصدر عنها، رؤية متذمرة من راهن ثقافي معطوب، يشوبه التملق والتزلف والاتجار بالشعر. وكلها قيم سلبية تشوش على قيم الجمال والصدق التي ينشدها الشاعر الأصيل. وعلى غرار “ستة عشر موعدا” يستمر عبد السلام بوحجر في الحديث عن “الآخرين” في ديوانه الجديد وبشكل أكبر وفي قصائد عديدة ومن ذلك قوله:

    ـ قاوم خصومك بالكتابة وحدها (68)

    ـ لا تنكسر لغرورهم.. لا تنكسر/ بالكاف والنون انتصر/ إن غيبوك فأنت تحضر في قلوب العارفين/ إذا حضرت دقيقتين أمامهم غابوا/ إذا غابوا أمامك عذبوك وحاصروك/ وأشهروا سيف الإشاعة/ ضد حلمك دائما/ غير طقوسك بالذهاب إلى البعيد/ أجب خصومك بالقصيدة وحدها… (105 ،106)

    ـ أيها الذاهبون إلى موتهم باكرا/ قد عرفت طريقي إلى الشمس/ لن تفرحوا بسقوطي على بابكم سائلا/ كي أكون لأقلامكم خبرا عاجلا/ أستطيع التعلم من ضربات /خصومي الخفية والمعلنه (116)

    ـ هم يريدون أن يوقعوا اسمك في فخهم/ ويريدون قلبك فوق الرصيف دما سائلا (119)

    ـ الإشاعة تعطيك أجنحة الإنتشار السريع/ إذا كنت تمشي على درب حلمك / مشي السلحفاة/ فاشكر خصومك/ واشكر خصومك يا صاحبي (122)

    ـ سبيلك أن تتقدم يا كائني/ بالرجوع إليك/ فترنو إلى الآخرين بعين الرهافة. (128)

    بل إنهم يحضرون حتى في (حفل التكريم) الذي وصف الشاعر تفاصيله ودقائقه وانفعالاته فيه:

    ـ قال: كل خصومي أسامحهم واحدا واحدا فبكى (137)

    ـ ربحت الرهان / انتزعت اعترافك يا صاحبي من خصومك (139)

    في الختام:

    لا شك أن جوانب كثيرة في هذا الديوان وفي تجربة الشاعر عبد السلام بوحجر تحتاج إلى إضاءات أخرى خاصة التكثيف الموسيقي، والحضور السردي، والسير ذاتي، واللغة الشعرية، والتناص وغيرها لكن الوقت الذي قدرته لهذه المشاركة لم يسمح سوى بتناول نقطة واحدة هي الحضور النرجسي ودوره في تشكيل خطاب ميتاشعري، وهو أمر لا مسناه عند شعراء كمحمد بنطلحة وعبد السلام المساوي، لكنه لا يزال مفتوحا على مزيد من التعمق في أعمال أخرى. أجدد شكري على الدعوة وأجدد تهنئتي للشاعر عبد السلام بوحجر على هذا الديوان الجميل الذي هو إضافة هامة في صرح القصيدة المغربية والعربية المعاصرة.

    أعجبك المقال؟ شاركه على منصتك المفضلة..
    قد يعجبك ايضا
    اترك رد

    لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

    يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد