الفراغ الحكومي و عيد الأضحى


يشتكي الناس من غلاء أسعار المحروقات و المواد الأساسية منذ تولي أخنوش رئاسة الحكومة؛ و ما زالت الحكومة؛ التي تقول عن نفسها أنها حكومة اجتماعية؛ تصم آذانها عن صراخ و احتجاج المواطنين في كل بقاع المغرب؛ تارة بالتمويه و التدليس و تارة بالصمت المطبق.

جاءت شعيرة عيد الأضحى التي يتقرب بها المغاربة من الله بتأديتها في ظروف سليمة ؛ إلا أن العيد؛ لم يأت هذه السنة بما مضى؛ بل بحال فيه تجديد؛ عاد مكفهر الوجه ثقيل الظل على المغاربة؛ مع هذه الحكومة التي يهمها “البوز” أكثر ما يهمها حل مشاكل المغاربة الاجتماعية و الدينية.

إن الدولة أو الحكومة التي يستند دستورها على الإسلام مرجعية دينية و أخلاقية؛ حري بها أو لنقل واجب عليها أن تيسر للمسلمين أن يؤدوا طقوسهم الدينية في ظروف سليمة و صحية؛ حتى يستشعر المؤمن الأجر و الثواب و السعادة بالتقرب إلى الله عبر تأديته للشعيرة؛ غير أن ارتفاع أسعار الخرفان بشكل مهول و غير طبيعي هذه السنة؛ دون أدنى تحرك من الحكومة؛ جعل المغاربة المسلمين يتأففون من العيد و يستثقلون تأديته؛ ما سينعكس سلبا على تقرب المؤمنين الحقيقي من الله.

هناك من سيزايد على المغاربة بالقول؛ أن على المغربي أن لا يشتري الأضحية إن لم يستطع؛ باعتبار هذه الشعيرة سنة مؤكدة فقط و ليست فرضا؛ و على كل واحد أن يتحمل مسؤوليته دون أن ينتظر قرارا من الدولة أو الحكومة يلغي العيد كليا أو جزئيا عبر اجتهاد المجلس العلمي الأعلى.

غير أن هذا الرأي الشارد غير الدقيق؛ أولا؛ يزيل المسؤولية عن الحكومة كمؤسسة تدبيرية جماعية من واجبها أن توفر للمغاربة؛ باعتبار الأغلبية الساحقة مسلمين؛ أن يؤدوا شعائرهم الدينية باطمئنان و سلام دون مشقة ؛ و يضعها بكل حمولتها الثقافية و الاجتماعية فضلا عن الدينية على عاتق المواطن الفرد المغربي البسيط المقهور المهدور والمغلوب على أمره؛ ثم ثانيا؛ و بما أن الحكومة تدعي أنها حكومة اجتماعية؛ فشراء الأضحية؛ فضلا عن أنه شعيرة دينية إيمانية؛ فمن المستحيل أن نزيل عنها ما هو اجتماعي ثقافي؛ حيث أن من بين وظائف الدين الأساسية ؛ شئنا أم أبينا؛ ما هو اجتماعي صرف؛ و تدبير الاجتماعي و الثقافي من صميم العمل الحكومي و ليس من شأن المواطن الفرد.

فعيد الأضحى؛ و هو إيماني تعبدي فردي؛ فهو أيضا يساهم في نشر التلاحم و التآزر و المودة و الفرح بين مجموع الناس؛ و هذا أيضا من صميم الدين؛ أي أن ما هو اجتماعي ؛ هو إيماني تعبدي أيضا.

- إشهار -

و بالتالي فرأي كهذا؛أي على الفرد أن يجتهد و يتحمل مسؤوليته بعدم شراء الأضحية؛ يعد رأيا لا يفكر بالمشمول و نظرته مقزمة جزئية من غير المعقول إثارته أصلا.

يبقى الآن أن الكرة ملعوبة عند الحكومة ؛ المكلفة بتدبير الشأن العام؛ و المنوط بها أن تأخذ بعين الاعتبار ما هو ديني و اجتماعي و ثقافي و اقتصادي عند المغاربة؛ هي التي كان عليها أن توفر ظروفا سليمة للمغاربة بمناسبة عيد الأضحى؛ أو على الأقل؛ أن تخرج للعلن و توفر حلولا معقولة ؛ و ليس أن تقفز عن كل ما هو أساسي؛ و تهرول لإيجاد حلول ترقيعية لم تستطع إلى حد الآن أن تنفس عن هذه الأزمة التي طالت و تطول و تطول و تطول…

خالد بوخش

إن الآراء الواردة في هذه المقالة، لا تـُعبّر بالضرورة عن رأي موقع "بديل"، وإنما عن رأي صاحبها حصرا.
أعجبك المقال؟ شاركه على منصتك المفضلة..
قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد