المغرب يستعد لمواجهة “عطش الصيف”
تسابق الحكومة المغربية الخطى من أجل الاستعداد لمواجهة صيف يهدد مناطق كثيرة من المغرب بالعطش في ظل النقص المسجل على مستوى العرض بسبب الجفاف وترقب ارتفاع درجات الحرارة إلى مستويات قد تكون قياسية.
وسجل احتياطي المياه في المغرب تراجعا كبيرا خلال السنوات الأخيرة، بسبب توالي سنوات الجفاف، والتدبير السيء لهذه الثروة التي تقل سنة عن أخرى؛ إذ تصل المعدلات الطبيعية في السنة إلى 22 مليار متر مكعب، ما يعني حصة في حدود 650 مترا مكعبا للفرد في سنة عادية، وهي حصة ينتظر أن تنخفض بفعل شح المياه.
ويصنف المغرب ضمن البلدان التي يرتقب أن تصل فيها حصة الفرد إلى 500 متر مكعب.
وانخفضت الواردات المائية، حسب وزارة التجهيز والماء، بنسبة 69 في المائة في العام الحالي، مقارنة بالعام الماضي، حيث إن التساقطات المطرية بلغت 3.38 مليارات متر مكعب.
وأشار المجلس الوطني لحقوق الإنسان، في تقريره السنوي حول حالة حقوق الإنسان بالمغرب، المقدم يوم الأربعاء الماضي، إلى أن الجفاف الحاد ساهم في استفحال ظاهرة الإجهاد المائي بشكل غير مسبوق مند ثلاثة عقود.
وللعام الخامس على التوالي، يجد المغرب نفسه في مواجهة الجفاف، ما يهدد بنقص على مستوى مياه الشرب يفترض تدبيره من قبل السلطات العمومية.
ويلاحظ تقرير حول المناخ قدم أول أمس أن الأربعة أعوام الأخيرة الممتدة بين 2019 و2022، تعتبر الأكثر جفافا منذ أكثر من ستين عاما.
وتعتبر مسألة توفير مياه السقي واحدة من الإشكالات الرئيسية في المغرب، والتي تهدد التوجه الذي تتبناه الحكومة المغربية بزيادة المساحات المزروعة والرفع من نسبة التصدير من أجل دعم الموازنة العامة للحكومة بالعملة الصعبة.
ويتطلع المغرب من خلال عدد من المشاريع التي تم الإعلان عنها مؤخرا لتجاوز إشكالية توفير مياه الشرب عبر انشاء مجموعة من محطات تحلية مياه البحر، والمشروع الملكي لربط الأحواض المائية العشرة فيما بينها لتجنب الهدر الحاصل في الثروة المائية والتي يذهب الأن جزء كبير منها إلى البحر.
وفي وقت سابق أكد المدير العام للأرصاد الجوية، عبد الفتاح صاحبي، أن التوقعات تشير إلى أن الحرارة ستكون مرتفعة في الثلاثة أشهر المقبلة، التي تتزامن مع فصل الصيف، على غرار ما حدث خلال الصيف الماضي.
وذكر صاحبي، بأن المنظمة العالمية للأرصاد الجوية، توقعت أن يكون الصيف المقبل أكثر سخونة، داعية الدول إلى اتخاد التدابير الضرورية للتعاطي مع ذلك.
وذكر وزير التجهيز والماء، نزار بركة، في تصريحات أول من أمس، أن حوالي نصف التساقطات المطرية تتركز في حوالي 7 في المائة من التراب الوطني، وهذا يخلق فوارق مهمة ويطرح إشكاليات تبعا لطبيعة الأحواض المائية.
وفي سياق متسم بالندرة، يفضي ارتفاع درجات الحرارة إلى تبخر المياه ويؤثر على الاستهلاك، ما دفع إلى إطلاق تجربة أولى لتغطية سد بالشمال بالألواح الشمسية لتقليص التبخر، وهي تجربة سيتم تعميمها في حال نجاحها.
ويرى بركة أن ارتفاع استهلاك المياه في الصيف يفرض بذل مجهودات من أجل تعبئة الموارد المائية عبر تسريع وتيرة بناء السدود.
ويطرح المشكل أكثر بجهة الدار البيضاء، حيث لا يتعدى مخزون المياه في سد المسيرة 5 في المائة، ما يفرض جلب المياه من مناطق أخرى، مع السعي إلى الاستفادة من تحلية المياه التي سيتيحها المكتب الشريف للفوسفات في يوليوز المقبل، ما سيخفض الضغط على ذلك السد.
ويؤكد الوزير عند الحديث عن التدابير الواجب اتخاذها بهدف التعامل مع الندرة، على ضرورة الاقتصاد في استهلاك المياه في الصيف المقبل، حيث يُنْتظر اتخاذ قرارات تقضي بوقف سقي بعض المساحات الخضراء بالمياه الصالحة للشرب، في الوقت نفسه، الذي يرتقب أن يعمد إلى تقليص كمية المياه الموجهة للمساكن.