زوجة الصحافي توفيق بوعشرين تكتب عن يوم اعتقاله


هذا الشهر الذي يتسلل خلسة وفي غفلة منا، كان يومه 23 من أقسى الأيام… تاريخ مؤرق وجارح، وكلما عدت إلى تفاصيله.. يبكي فيا كل شيء إلا عيني..

    يمكنكم الاشتراك في نشرتنا البريدية للتوصل بملخصات يومية حول المقالات المنشورة على الموقع

    الاشتراك في النشرة البريدية

    أستحضر منظر رضي وندى، طفلين صغيرين يتحايلان عليا ببراءة كي لا يناما باكرا، لأنهما ينتظران عودتك من العمل كي تشاركهما اللعب والشقاوة، والسؤال الذي يكسر القلب ( بابا تأخر.. متى سيعود؟)

    أستحضر أول زيارة الأطفال لك في سجن عين بورجة، أسحب رضى من قاعة الزيارة و ينفلت مني راكضا نحوك و هو يتمسك بك باكيا و دموعك تقفز من عينيك على يدي..

    أستحضر مكالمتك القصيرة جدا من مقر الفرقة الوطنية و المفعمة بالمشاعر و التوجسات…..

    أستحضر بلاغات النيابة العامة في القنوات التلفزية، وهي تغرز أنيابها في لحمك منتهكة قرينة البراءة، وسرية البحث والتحقيق.

    أستحضر”أكذوبة” سفرك إلى إفريقيا إشفاقا على قلب رضى الصغير حتى لا نملأ روحه بالانكسار و الحزن…

    لم أكن أعلم حينها أننا سننصهر في طاحونة أيام طويلة و قاسية و في محيط هادر و هائج، و أنني سأكون بطلة الصحافة الصفراء وأُجلد كل صباح على الصفحات و مواقع التشهير، فقط لأنني زوجتك، و لا من يحرك ساكنا أمام هذا الإيذاء البليغ.

    كانت أياما و شهورا عصية على الهضم، لحظات ثقيلة و أليمة امتزج فيها الحزن، الخذلان، لؤم ذوي القربى…

    انفض الأصدقاء المزيفون وتراجع آخرون، فوجئنا بسهام غادرة و ضربات قاتلة….

    - إشهار -

    اليوم، نبتسم في وجه من خذلنا، وقال فينا ما ليس فينا، ونبكي بصمت حين يكون كل شيء يدعو للصراخ و نضحك حين يكون البكاء واجبا.

    لكن صدقني يا بوعشرين، أن الله عز و جل، كان رحيما ، لطيفا ،جابرا، رؤوفا و رحمته كانت أوسع من كل هذا الحطام و الخراب…

    اليوم بعد خمس سنوات أقول لك يا توفيق.. والله لن تخذلني الدنيا و بين ضلوعي قلب متعلق بالله، و في قلبي محبة لك، لا يمكن أن ينتزعها لا غياب و لا مسافات و لا مؤامرات ولا مكائد… سأضل أخيط هذه التمزقات و حياكة أمل لقائك إلى أن يأذن الله بالفرج.

    كن دائما على قيد الهمة والأمل يا بوعشرين وانتظر ( و قل انتظروا..إنا منتظرون)..إنما الحياة محطات و عبر و بلاء و ابتلاء

    عاهدني ألا تستسلم مهما خيم الحزن و ضاق الأمل و طالت المحنة،، عاهدني أن تبقى وفيا لما خطته أناملك و تنتصر للحق و الحقيقة التي دافعت عنها و كلفتك غاليا…ألم تقل أن السعي إلى الكرامة لا حدود له …

    الحرية لك يا توفيق بوعشرين،،، لأنك اخترت الوطن و هو أغلى الغنائم و أجمل الثروات و صدحت عاليا من أجل حق أبنائه في حياة كريمة و اقتسام خيراته..

    اسمك كان و سيضل وساما خالدا ، متوجا لي و لأبنائك و عائلتك و الحرية لشرفاء هذا الوطن.

    أسماء مساوي – زوجة الصحافي توفيق بوعشرين

    أعجبك المقال؟ شاركه على منصتك المفضلة..
    قد يعجبك ايضا
    اترك رد

    لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

    يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد