إيران.. النساء يرفضن “قمع شرطة الأخلاق”


ازدادت حدة القمع الذي تمارسه الشرطة الدينية على الإيرانيين منذ وصول الرئيس المحافظ والمتشدد إبراهيم رئيسي إلى السلطة في يونيو 2021.

    يمكنكم الاشتراك في نشرتنا البريدية للتوصل بملخصات يومية حول المقالات المنشورة على الموقع

    الاشتراك في النشرة البريدية

    وقد تسبب حادث وفاة الشابة مهسا أميني (22 عاما) بعد توقيفها الأسبوع الماضي بسبب ارتدائها لباسا دينيا “غير ملائم” في غضب شعبي عارم أدى إلى خروج الآلاف إلى الشوارع للتظاهر والتنديد بتسلط قوات الأمن. ويأتي هذا في وقت ازدادت فيه معاناة السكان الاقتصادية والاجتماعية.

    “هي القطرة التي أفاضت الكأس”، هكذا وصفت أزاده كيان، أستاذة العلوم السياسية في جامعة “ديدرو” بباريس والمتخصصة في الشؤون الإيرانية، المظاهرات التي نظمت في العديد من المدن الإيرانية إثر وفاة الشابة مهسا أميني في المستشفى بطهران بعد توقيفها من قبل الشرطة الدينية الأسبوع الماضي بحجة أنها لم تكن ترتدي لباسا يحترم الديانة الإسلامية. ووصفت أزاده خان وفاتها بـ “المشبوهة”. ومنذ وقوع هذا الحادث، نظم الإيرانيون عدة مظاهرات شعبية للتنديد بتصرفات الشرطة الدينية التي تراقب اللباس الذي ترتديه الإيرانيات وتفرض عليهن ثيابا يغطي جسدهن من الشعر إلى الركبتين.

    نظمت المظاهرات الأولى في العاصمة طهران قبل أن تنتقل إلى مدن أخرى، حيث قام المشاركون بغلق الشوارع الرئيسية وإلقاء الحجارة على قوات الأمن فضلا عن إضرام النيران في سيارات الشرطة، رافعين شعارات مناهضة للنظام الإيراني من بينها “الموت لعلي خامنئي” المرشد الأعلى للجمهورية الإيرانية والحاكم الفعلي لإيران.

    وترى أزاداه كيان أن مقتل الشابة أميني أدى إلى توحيد الإيرانيين، مشيرة أن “غالبية الذين يشاركون في الاحتجاجات يعانون من البطالة والفقر، وفي مقدمتهم النساء”.

    وأضافت: “نشعر اليوم بأن الإيرانيين لا يستطيعون حتى التنفس بسب الأزمة الاقتصادية الخانقة التي تحاصرهم كما أصبحوا لا يتحملون تلقي الأوامر”.

    تغطية الرؤوس

    في إيران، تعمل الشرطة الدينية على فرض ارتداء الحجاب على النساء وتغطية رؤوسهن، مع العلم أنه لا يوجد تعريف دقيق لطريقة ارتداء هذا اللباس الديني، ما فتح الباب أمام تأويلات عديدة من قبل الشرطة الدينية التي تتصرف حسب إرادتها تماشيا مع تصريحات وإرشادات رجال الدين والسياسية.

    وأضافت أزاده كيان في هذا الخصوص: “الجمهورية الإسلامية قامت بتقديس الحجاب منذ البداية. والدليل أن آية الله الخميني شخصيا صرح أن الحجاب الذي ترتديه النساء يمثل دم الشهداء. هذا التصريح شوه المعنى الحقيقي للحجاب وتحول إلى أداة سياسية في يد السياسيين ورجال الدين”.

    لكن السلطات الإيرانية أصبحت تواجه جيلا جديدا من النساء اللواتي يرفضن ارتداء الحجاب المفروض من قبل رجال الدين. الأمر الذي “جعل هذه السلطات ترفع من حدة قمعها” حسب أزاده كيان.

    الشرطة الدينية

    وغداة نجاح الثورة الإيرانية التي قادها الإمام الخميني في 1979، ظهرت مليشيات دينية غير رسمية في البلاد راحت تفرض احترام ارتداء الحجاب بالقوة. لكن “سرعان ما اتخذ الخميني إجراءات تأديبية ضدها بسبب اعتداءاتها المتكررة على النساء في الشوارع، وصلت بعضها إلى حد إلقاء الحمض على وجوه النساء”، حسب المتخصصة الإيراني.

    - إشهار -

    ولم يتراجع دور هذه الميليشيات غير الرسمية في عهد الرئيس محمود أحمدي نجاد (2005-2013) بل تنامى أكثر عملها. فقد ظهرت مثلا مركبات بيضاء وخضراء تابعة لهذه الميليشيات في الشوارع العامة وأمام مراكز التسوق في المدن الكبرى حيث تقوم بمراقبة واعتقال النساء اللواتي “لم يتحجبن” بشكل شرعي وبالكامل.

    وعندما يتم ملء هذه المركبات بالنساء، تقوم المليشيات بنقلهن إلى مركز الشرطة لاستجوابهن في انتظار وصول أوليائهن لإخراجهن من هذه المراكز بلباس “محترم”.

    وبالتوازي مع ذلك، “أصبحت النساء يطالبن أكثر بحقوقهن ولا يبالين بقوات الأمن ولا يغطين شعرهن”، تقول أزاده كيان التي تابعت: “أصبح من المعتاد في إيران، خاصة في المدن الكبرى، رؤية نساء غير مغطاة الرأس والشعر وفي بعض الأحيان بلباس عادي بعيدا عن الحجاب. فالنساء يقمن فقط بارتدائه عند رؤية الشرطة الدينية ثم يخلعنه عندما تغادر المكان”.

    ومنذ 2016، يسمح تطبيق “غير ارشاد” بإعلام الايرانيات بوجود فرق من الشرطة الدينية على طريقهن. لكن في عهدي خاتمي (1997-2005) وروحاني (2013-2021) كان ينظر إلى هذه الشرطة بنوع من السخرية والعداء. “الفرق مع اليوم هو أن الجيل الجديد من النساء يقمن بتسجيل لحظات توقيفهن من قبل الشرطة الدينية بهواتفهن النقالة ثم ينشرن الصور على مواقع التواصل الاجتماعي. وهذا ما يمنحهن القوة أمام هذه “الكتائب القمعية” حسب المحللة الإيرانية.

    الضوء الأخضر 

    “قبل عشر سنوات، كان من الممكن أن نتحدث مع هؤلاء (أي الشرطة الدينية) تشرح أزاده كيان. لكن الوقت تغير. الرئيس إبراهيم رئيسي أعطى لها الضوء الأخضر لكي تعتدي وتضرب الناس وتلزمهم على احترام القوانين”، مضيفة أن “القمع الذي كانت تمارسه الشرطة الدينية ارتفعت حدته بشكل ملحوظ منذ2021 مع وصول الرئيس المحافظ إلى سدة الحكم”.

    “فقد قامت هذه الشرطة بقمع المعارضة وتوقيف العديد من السينمائيين على غرار جعفر بناهي ومحمد روسولف خلال الصيف الماضي”. لكن منذ وفاة الشابة مهسا أميني، بدأت أصوات منتقدة لسياسة النظام الإيراني تتعالى في البلاد وحتى في أوساط بعض النواب الذين دعوا إلى كبح جماح الشرطة الدينية ووقف تحركاتها القمعية”.

    وصرخ النائب الإيراني معندين سعدي: “أعتقد أنه يجب حل الشرطة الدينية بسبب فشلها في شرح ثقافة الحجاب في بلادنا وكي لا يشعر أولادنا وبناتنا بالرعب والخوف عندما يقابلون هذه القوة في الشارع”.

    وأضاف نائب آخر يدعى جلال رشيد قريشي: “هذه الشرطة تسببت بأضرار كثيرة للبلاد”. أما المحافظ ورئيس البرلمان الإيراني محمد باغر غليباف، فلقد دعا “إلى مراجعة الأساليب التي تستخدمها الشرطة الدينية كي لا تتكرر مثل هذه الأحداث” وهو يقصد مقتل الشابة مهسا أميني.

    إلى ذلك، طالبت هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر التابعة للحكومة الإيرانية بـ” وقف اعتقال النساء اللواتي لا يرتدين الحجاب بشكل لائق أو يكشفن عن شعرهن لأن هذا قد يؤدي إلى تأجيج الأوضاع الداخلية”، داعيا فقط إلى تمرير “قانون يسمح بفرض غرامة مالية على هذه النساء”.

    وكالات

    أعجبك المقال؟ شاركه على منصتك المفضلة..
    قد يعجبك ايضا
    اترك رد

    لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

    يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد