قراءة في إجراء قانوني أمام القضاء الإداري
يضطلع القضاء الإداري بالمغرب بدور مهم يتمثل أساسا في تكريس قيم العدالة الاجتماعية وإرساء مبادئ دولة الحق والقانون، وبالنظر إلى هذا التحول النوعي في ارتفاع المؤشرات الدالة على نجاعة منظومة العدالة الإدارية، تقدم دفاع إحدى العارضين والذين يعتبرون من ذوي الحقوق في الأرض السلالية والجماعية الكائنة بدوار أولاد الطالب، مشرع الكتان، البالغة مساحتها 1 هكتار والمتأصلة من التحديد الإداري عدد AD52F ، حسب الإحداثيات المضمنة بتصميم المهندس المساح، والتي كانت موضوع عقد كراء مبرم بتاريخ 12/05/2020 .
وحيث أن العقد المذكور أبرم على أساس أن الأرض موضوع النزاع فارغة ويحوزها محمد خروعي، إلا أن العكس هو الصحيح، إذ أن الأرض موضوع النزاع عامرة ويسكنها العارضون منذ 45 سنة كما هو مثبت باللفيف العدلي المدلى به والذي يوضح بجلاء الحيازة وكذا محضر للمفوض القضائي في ذات السياق .
وحيث نص العقد في الفصل الثالث على الحيازة الهادئة وبدون منازع للعقار موضوع النزاع “يقر المكتري بمقتضى هذا العقد أنه حاز العين المكتراة حيازة تامة بدون منازع وذلك قبل إقدامه على إمضاء العقد ولا يمكن له بأية حال من الأحوال الدفع بعدم تسليمه العقار أو عدم استغلاله له للتنصل من الالتزامات المقررة بموجب هذا العقد “.
وحيث أن هذا الأمر بعيد كل البعد عن الواقع، ذلك أن المكتري لم يحز يوما العقار موضوع النزاع بدليل اللفيف العدلي المنجز من قبل عدلين بحضور 14 شاهد أكدوا باليقين أن الأرض موضوع النزاع لم يسبق للمستأنف عليه أن حازها في يوم من الأيام ، وهي وثيقة لا يمكن الطعن فيها إلا بالزور، وضمن هؤولاء الشهود نائبي الأراضي السلالية السيدين أحمد بلباز والسحيمي حوباري .
وحيث أن العقد قبل إبرامه يجب أن يوافق عليه جميع نواب الأراضي السلالية والذين هم ثلاثة وليس واحدا.
كما أن العقد أبرم في 18/03/2020 ، أي يومين بعد فرض الحجر الصحي، بحيث تم توقيف جميع الإجراءات والمعاملات القانونية، مما يجعله عقدا في عداد العقود الباطلة.
كما نص العقد في الفقرة 9 من الفصل السابع على أنه يمنع استعمال العقار في غير الغرض الذي أعد له بحسب طبيعته بمقتضى هذا العقد ، كما يلزم المكتري بعدم استغلال المساحة المشجرة بالعقار والمحددة في ” 6000 م2 ” ، وهي إشارة صريحة وواضحة بأن العقار ليس أرضا عارية، ولو على فرض أن هناك عقدا فالعقد لا يشمل المساحة الكاملة بل يجعله منصبا على جزء من العقار فقط.
الأطراف المدعية والتي لم تجد بدا من اللجوء إلى القضاء الإداري عاشت خلال الآونة الأخيرة على وقع عملية إفراغ كبرى من العقار موضوع النزاع القضائي والتي انتهت باعتقال أحد المتضررين وتقديمه للعدالة والذي لازال لغاية اليوم رهن الاعتقال الاحتياطي، وعلى ضوء هاته المعطيات تتشكل القناعة تلقائيا بضرورة طرح مجموعة من التصورات القانونية في جوهرها، فمثلا إذا كانت القرارات القضائية السابقة سليمة من حيث مدى احترام المساطر القانونية، تبقى الدفوعات المقدمة أمام المحكمة الإدارية غير ذي موضوع وعديمة الجدوى، أما إذا تم استصدار مقررات قضائية بناء على عقد كراء باطل من الناحية القانونية، فالقضاء الإداري سيكون أمام ملف قد يلغى فيه كل ما ترتب عن القضاء من إجراءات وأحكام سابقة .
التوقيع: حسن اليوسفي إعلامي واشط حقوقي
إن الآراء الواردة في هذه المقالة، لا تـُعبّر بالضرورة عن رأي موقع "بديل"، وإنما عن رأي صاحبها حصرا.