“وكالة المغرب العربي” تخوض حرباً بالوكالة وتسحب صفة الوطنية من المعارضة
في سابقة لم يشهد لها التاريخ مثيلا، تُصر مؤسسة إعلامية رسمية على الزج بأنفها في نقاش مُؤسساتي يُؤطره الدستور، في خرق سافر لمقتضياته، وجرح غائر لمن يتملكون مضامينه.
وهو ما يعتبر تأكيدًا للعقم التواصلي لـ”حكومة قليلة الكلام”، رغم أن الكلام عنها كثير. حكومة لا تخاطبها المعارضة بالهاشطاغات والتغريدات، والتي هي حق مشروع لأصحابها، وإنما بالمساءلة المؤسساتية، كما يكفل ذلك القانون، والذي تعد المعارضة من حماته للتذكير. فهل تسعى “وكالة المغرب العربي” بهذه الزلة غير المسبوقة، إلى تقويض هذا النسق الدستوري، وربما بمجانية مدفوعة الثمن وبمغامرة غير محسوبة العواقب؟
فمن موقعنا كحركة شعبية، تمارس حقوقها الدستورية في المعارضة، وبكل وطنية صادقة، وفي احترام، بل ودود عن المقدسات والثوابت، لن نقبل أن تسحب عنّا صفة الوطنية لأسباب وهمية ومجانية، تترجم فقدان بوصلة الصواب لوكالة تفتقد للهوية المغربية في اسمها أولا، وفي هكذا ممارسات مشينة ثانيا. وتتعارض مع الدستور في التعدد والوطنية من خلال تسميتها التي تختزل المغرب في مكون واحد وتتجاهل روافده وأبعاده الثقافية الأخرى.
فهل هي هفوة نتيجة غياب هيكلة لهذه المؤسسة الإعلامية، التي أصابها الصدأ، وأصبحت في حاجة إلى رجة إصلاحية حتى لا تتجاوزها الأحداث، وتصبح وراء الثورة الهلامية؟
خانكم الإبداع، كما هو عنكم مشاع. وتنكرتم لوظيفتكم المؤسساتية، وعوض أن تخوضوا حربا، لستم طرفا فيها، كان على الوكالة أن تسوق تصريحا لأعضاء الحكومة أو مصادر عن لسانها، وفاء لوظيفة الوكالة المحددة قانونا، لكنكم فضلتم الإجهاز على ما تبقى من حرمة إحدى مؤسسات الدولة التي نريدها مستقلة حرة ومواطنة عوض أن تصبح مخونة مكفرة للوطنية والغيرة والانتماء.
والأدهى والأمر أن الوكالة بذل التزام الحياد الذي يعد أول قاعدة من قواعدها، قبل أن تسلم زمامها إلى من يختزلون الوطنية في ريعها، تختار أن تتحول إلى وكالة تخوض حربا بالوكالة عن شركات المحروقات، وإلى بوق لها لتحرق بذلك ما تبقى من رصيد وكالة عشعش فيها الفساد .
طبعا هي زلة لا تُغتفر لمن يقود الوكالة، وقبل ذلك فهي طعنة فيما تبقى من مصداقية حكومة وصية على هذه الوكالة عفوا هذه الملحقة لتيار حزبي وللوبي تجار النفط وحوارييهم.
ختاما نهمس في أذن هؤلاء وأولئك أن من يحب وطنه لا يشترط موقعا لفعل ذلك، وأن وسام الوطنية الصادقة أكبر أن يكون في يد وكلاء لوكالة أضحت بدون مشروعية ولا شرعية .
وعطفا على ما سبق، فالغريب في زمن حكومة الغرائب والعجائب، أنه وبعد تصريح غريب ومثير، بل ومستفز لنائب برلماني من الأغلبية بكون البرنامج الحكومي مصادق عليه من طرف صاحب الجلالة، يطل علينا نائب آخر من الأغلبية ليحطم رقم زميله السياسي في السفاهة بالقول أن هذا النقاش، حول زلة وكالة المغرب العربي، قبل خطاب عيد العرش غير مقبول! فما علاقة خطاب عيد العرش بهفوات مؤسسة تابعة للدولة؟
ولماذا يصر بعض أشباه السياسيين في أغلبية عددية بدون أي تكوين ولا تأطير سياسي على الأختباء وراء صاحب الجلالة، حفظه الله، لتبرير الفشل الذي أصبح لازمة لحكومتنا الموقرة في كل حركاتها وسكونها الذي هو سمتها الأصلية وعلامتها المميزة؟
الكاتب: محمد اوزين