“لاماب”.. وكالة الأنباء الرسمية لـ”حزب الأحرار”!
أستبعد جدا أن يكون الرد “العنيف”، الذي أحصت فيه “لاماب” عشر نقط لفهم “الحملة” الشعبية ضد رئيس الحكومة عزيز أخنوش، كتب داخل وكالة رسمية..
وظني أن هذا “الرد”، الذي يشبه ربما بلاغات الضابطة القضائية في الأنظمة الشمولية، كتب في “سياق خاص” نسي ربما أننا في المغرب..
ونسي أيضا أن لنا دستورا بثلاثة ثوابت رابعها هو الخيار الديمقراطي الذي يضمن حرية الرأي وحرية التعبير وحرية الاحتجاج..
ويضمن حتى حرية قول “اللهم إن هذا لمنكر” عقب هذا الغلاء الذي اشتعل في البشر وفي الشجر وفي كل شيء..
والواقع أن هذا “الرد” المجهول النسب لم يكن هناك داع إليه سواء بدافع سياسي أو أخلاقي ولا حتى مهني..
لماذا؟
لأن السيد عزيز أخنوش له حزب سياسي اسمه التجمع الوطني للأحرار..
وبإمكان السيد أخنوش أن يجمع مكتبه السياسي لإصدار بلاغ داعم له وداعم لما يقوم به من موقع رئاسة الحكومة..
اللهم إلا إذا كان قادة الأحرار لهم رأي آخر في الأداء الحكومي وفي الكيفية التي يشتغل بها السيد أخنوش..
كما أن السيد عزيز أخنوش له أغلبية حكومية مكونة من ثلاثة أحزاب..
وكان المفروض أن يستدعيها على عجل للتداول في سبل إطفاء هذه النيران التي تقترب من البيت الحكومي في شكل “هاشتاج” لم يعد افتراضيا وإنما تحول إلى حقيقة على الأرض..
وأنا أقول بهذا ولو أني أعرف أن أول من كسر جدار التضامن الحكومي هو أخنوش نفسه عندما لم يستشر حلفاءه في أي نقطة من حصيلة 100 يوم على تنصيب الحكومة..
نعم كان على السيد أخنوش أن يجمع قادة حزبه وقادة أغلبيته للتفكير في كيفية مواجهة هذا الاحتجاج الذي يتجه ليتخذ شكل “إعصار شعبي” ضد ارتفاع أسعار “المازوط” الذي يبيعه أخنوش نفسه للمغاربة..
وبالطبع فهذا هو المفروض وهذا هو منطق الأشياء وهذا هو منطق السياسة..
أما إقحام الذراع الإعلامي للدولة في الدفاع عن رئيس حكومة بعينه دون باقي رؤساء الحكومات السابقين ولا اللاحقين فهذا مبعث للشك والخلط أيضا..
ثم ما معنى أن تتحدث وكالة إعلامية رسمية باليقين التام عن وجود خطر يهدد استقرار المغرب من خلال هذه الحملة التي تقودها حسابات سرية ومعارضة سياسية لم تتقبل الهزيمة الانتخابية؟
ورأيي أن مثل هذا الكلام ومعه هذه التلميحات ذات الحمولة الترهيبية لا يليق بوكالة ممولة من المال العام ومهمتها النبيلة هي أن تطمئن الناس لا أن تزرع فيهم الرعب والخوف..
كما أني لم أفهم كيف تخصص “لاماب” عشر نقط كاملة لفهم الحملة الشعبية ضد السيد أخنوش ولا تخصص ولو نقطة واحدة لفهم الكثير من الحملات ضد مؤسسات سيادية أخرى أكبر وزنا وأقوم قيلا؟..
ثم إن استقرار البلد ليس بهذه الهشاشة التي تحدث بها رد “لاماب” المدافع عن السيد عزيز أخنوش..
شخصيا أرى أن الاحتجاج ضد غلاء المعيشة أو المطالبة برحيل رئيس حكومة أو حتى برحيل الحكومة نفسها هو جزء أصيل من الحياة الديمقراطية السليمة..
أما استقرار البلد فله رموز وله مؤسسات وله جيش وله أجهزة أمنية بأعين لا تنام..
…
الكاتب: مصطفى الفن