الدولة ومغاربة أوكرانيا؟
بديل.أنفو – خالد أوباعمر
دعت السلطات المغربية المواطنين المغاربة العالقين في أوكرانيا إلى التنقل صوب المناطق الحدودية مع أوكرانيا غير أن السؤال المطروح هو كيف سيصل آلاف الطلبة إلى المناطق الحدودية وهم عزل وفي وضع نفسي مقلق للغاية؟
دور السفارة هو تأمين تنقلهم إلى السفارة التي تعد إقليما مغربيا يخضع لسيادة الدولة المغربية كمرحلة أولى، تم تأمين وسائل النقل لهم إلى النقاط الحدودية كمرحلة ثانية، في أفق ترحيلهم إلى المغرب كخطوة أخيرة.
الدولة المغربية لها سوابق في هذا الإطار، وقد عشت شخصيا، حدث نقل المئات من المغاربة والأفارقة واللبنانيين، عندما شنت إسرائيل، الحرب على الجنوب اللبناني والضاحية الجنوبية لبيروت في شهر تموز من سنة 2006.
لقد تعبأت حينذاك الدولة بتعليمات ملكية، ووفرت كل الإمكانيات لنقل المئات عبر الحافلات من مقر السفارة ببئر الحسن، والذي كان يبعد بكيلومترات قليلة عن الضاحية الجنوبية لبيروت، إلى دمشق ولم يقع أي مكروه، وتمت الأمور في أحسن الأحوال.
ما الذي يمنع اليوم الدولة من الاشتغال بنفس المنهجية التي اشتغلت بها في حرب تموز 2006؟ وهل يصعب على الدولة تخصيص حافلات لنقل مغاربة أوكرانيا من العاصمة كييف إلى أقرب النقاط الحدودية، وترحيلهم عبر طائرات عسكرية إلى المغرب بعد ذلك؟
لا أظن أن الدولة ستبخل على مواطنيها بالدعم المطلوب، ولكن في ظل الوضع الحالي، ينبغي الأخد بعين الاعتبار عامل الزمن، لأنه كلما تأخرت الدولة في ترحيل مواطنيها خلال الأيام الأولى للحرب، كلما تعقدت الأمور أكثر..
صحيح أن الدولة قامت بمجهود كبير قبل الغزو الروسي لأوكرانيا، وتمكنت من نقل المئات من الطلبة خلال الأسابيع الماضية، غير أنه هناك اكراهات حالت دون تمكن آلاف الطلبة من العودة إلى أرض الوطن خلال الأيام القليلة الماضية، تتوزع بين ما هو إداري، وما هو مالي، وما هو دراسي.
المعطيات التي نشرها الطلبة المغاربة عبر منصات التواصل الاجتماعي، تفيد بأن هناك من اضطر إلى البقاء هناك قصد تسوية وضعية إقامته، وهناك من اضطر للمكوث بسبب عدم قدرته على آداء ثمن الرحلات التي ارتفعت بشكل كبير بسبب المضاربة التي حدثت، حيث عمدت وكالات الأسفار إلى حجز عدة تذاكر وإعادة بيعها بسعر خيالي!
نتفهم صعوبة عملية الترحيل في ظروف غير عادية، وفي ظل وضع دولي استثنائي بكل المقاييس، ولكن لدينا أمل كبير في أن هذا الأمر، لن يمنع الدولة المغربية، من بذل أقصى الجهود لترحيل أكبر عدد ممكن من المغاربة، لأن هناك أسر تكتوي من شدة الخوف على مصير أبنائها وبناتها!
يمكن لوزارة الخارجية المغربية تنسيق جهودها مع سفارات دول صديقة ليس لها نفس العدد من المواطنين هناك، من أجل تأمين عملية الترحيل في ظروف أفضل لدواعي انسانية، وهو ما قام به المغرب في 2006 مع دول افريقية بقرار ملكي إنساني كبير!
الوضع معقد، وصعب، ومقلق، ومن لم يمر من محنة الحرب، لا يمكن له على الإطلاق استيعاب حجم التحديات التي تطرح، وهو ما نقدره، ونعيه جيدا، ونتمنى من سلطات بلادنا بذل أقصى جهودها، لاستعادة إخواننا المغاربة العالقين في المدن الاكرانبة، كما حدث في سنة 2006 بلبنان، عندما تعبأت الدولة وجهازها الدبلوماسي بكل مكوناته، ونجحت في المهمة التي لقيت استحسانا كبيرا، من دول افريقية وعربية صديقة، عمل المغرب على ترحيل مواطنيها برا إلى سورية، وجوا إلى المغرب، بقرار ملكي إنساني ونبيل..