مسؤول ترابي خارج المراقبة


حلقة يوم الأربعاء التي قدمها الصحفي حميد المهدوي حول واقع الفساد في إقليم سيدي سليمان، تثبت بما لا يدع أي مجال للشك، بأن هذا الإقليم أصبح منفلت من رقابة الجهات المعنية بمراقبة المال العام وحمايته، وبأن المسؤولين فيه غير مؤتمنين على تطبيق القانون بشكل متساوي في حق المخالفين، مما يطرح أكثر من علامة استفهام حول دوافع ذلك؟


المخالفات التي رصدها مفتشي الإدارة الترابية، في التقرير الذي استعرض الصحفي حميد المهدوي، جزءا فقط من معطياته الصادمة، تؤكد بالملموس بأن الانتقائية التي تعامل بها عامل الإقليم مع تقرير المفتشية العامة لوزارة الداخلية، كانت لها دوافع أخرى بعيدة كل البعد عن تطبيق القانون، وإلا، فما الذي منع عبد المجيد الكياك من تحريك المتابعة القضائية في حق أعضاء المجلس الآخرين، الذين ارتكبوا خروقات تستدعي المتابعة في حالة اعتقال، وليس العزل من المجلس البلدي فقط؟


عندما اطلعت على الملاحظات التي سجلها مفتشو الإدارة الترابية، تأكدت من أن مفتشية وزارة الداخلية قامت بالواجب المنوط بها، وبأن المفتشين التابعين لها اشتغلوا بضمير، ووثقوا كل المخالفات التي تم رصدها بنزاهة ملموسة، لكن المسؤول الذي أخل بواجبه الدستوري، ولم يكن مؤتمنا على تطبيق القانون، فهو عامل الإقليم، عبد المجيد الكياك، الذي مارس انتقائية غير مقبولة في تحريك المتابعة القضائية ضد المخالفين، مما يطرح العديد من علامات الاستفهام المشروعة، حول دوافع وخلفيات هذا التمييز؟


على السيد وزير الداخلية، عبد الوافي الفتيت، أن يتحرك بسرعة لرد الاعتبار لمفتشي الإدارة الترابية من جهة، وفتح تحقيق عميق لحل لغز الانتقائية في تفعيل تقرير المفتشية العامة لوزارة الداخلية من طرف عامل الإقليم من جهة أخرى، حتى لا يسجل على الوزارة الوصية أنها تزكي الانتقائية في تطبيق القانون!


من جانب آخر، على السيد عبد اللطيف الحموشي، أن يفحص أرشيف التقارير الواردة عليه من مصالحه الخارجية، للتأكد من مدى قيام المسؤولين على رأس كل الأجهزة التابعة له بإقليم سيدي سليمان، بواجبهم المهني في نقل المعلومة في توقيتها المناسب إلى الإدارة المركزية، لأن هناك علاقة جدلية بين التنمية والأمن، وعندما يفشل المنتخبون ومسؤولي الإدارة الترابية في إنجاح ورش التنمية، فإن الضغط يشتد أكثر على الأمني، الذي يقع عليه عبئ المحافظة على الأمن والاستقرار في إطار المحافظة على النظام العام!


في ظل ما كشف عنه الصحفي، حميد المهدوي، من جرائم مالية تستوجب العقاب الجنائي، ومن انتقائية في تطبيق القانون من طرف الجهة التي يفترض فيها أنها مؤتمنة على تطبيقه، لم يعد ممكنا بعد اليوم القبول باستمرار نفس المسؤولين في مناصبهم بإقليم سيدي سليمان كحد أدنى، خصوصا وأن الاستحقاقات الإنتخابية على الأبواب!

- إشهار -


صمت عامل الإقليم على خروقات باقي الأطراف التي رصدها تقرير المفتشية العامة لوزارة الداخلية، يجعل منه غير مؤتمنا على تطبيق القانون، وفق الصلاحيات المخولة له دستوريا بموجب الفصل 145 من الدستور، وفي نفس الوقت يطرح مخاوف كبيرة، حول قدرته على ضمان شفافية الاستحقاقات الانتخابية المقبلة على صعيد الإقليم، لا سيما وأنه هو الجهة الموكول لها الإشراف عليها!


هناك أشياء مؤلمة بسيدي سليمان، لم يأتي الصحفي حميد المهدوي على ذكرها، تؤكد بأن حالة التسيب في سيدي سليمان تجاوزت كل الحدود الممكنة، من ضمنها حرمان عشرات المواطنين الذي أدوا ثمن بقعهم الأرضية من رخص البناء في تجزئة تابعة لشركة العمران، في الوقت الذي تم فيه منح رخصة بناء مصحة خاصة في نفس الأرض في ظروف غامضة!


كما أن هناك أيضا صمت رهيب حول مآل الميزانية المخصصة للأشطر المتبقية من مشروع تهيئة شارع الحسن الثاني، وهو المشروع الذي رصد له غلاف مالي ضخم جدا!


على السيد عامل اقليم سيدي سليمان أن يفهم، بأن هذا الإقليم، لم يأخد حقه من التنمية، وأن عددا كبيرا من أبنائه، ارتموا في أحضان الفكر المتطرف، ومنهم من لقى حتفه في سوريا!


لم يعد مقبولا من أي مسؤول مهما علا شأنه، وفي أي موقع كان بإقليم سيدي سليمان، الاغتناء غير المشروع على حساب آهات ساكنة المنطقة، وهذا ما يستوجب فتح تحقيق عميق حول مصدر ثروة عدد من المسؤولين على تدبير شؤون الإقليم، وحول هوية المستفيدين من بعض المشاريع، وبعض التفويتات العقارية في المجالين الحضري والقروي، وحول منح عدد كبير من الرخص خارج إطار القانون، وحول مخالفات تحصيل الجبايات المحلية، وغيرها من الأمور التي أصبحت حديث الشارع في إقليم سيدي سليمان، الذي تغول فيه الفساد، وتزايدت فيه كل مظاهر البؤس الاجتماعي، التي رصدتها المندوبية السامية للتخطيط، من خلال المونوغرافيا الخاصة بإقليم سيدي سليمان!؟

أعجبك المقال؟ شاركه على منصتك المفضلة..
قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد