هل تُحقِّقُ بيانات “كوكوت مينوت” مبدأ “ربط المسؤولية بالمحاسبة”؟
كم من الأحداث وقعت في المغرب في السنوات الماضية، تدل على وجود تقصير في التسيير والتدبير؟ الجواب هو: بلا عدد، وآخرها ما نتج عن “احتجاجات الفنيدق” و”فاجعة طنجة. لكن، كم من مسؤول تم تقديمه للعدالة تنزيلا للمبدأ الدستوري القاضي بـ”ربط المسؤولية بالمحاسبة”، أو كم من مسؤول سياسي قدّم استقالته احتراماً للشّعب ولأجل بناء دولة تسود فيها الثقة والاحترام للمؤسسات.
تنصّ الفقرة الثانية من الفصل الأول من الدستور على ما يلي: “يـــقـــوم النظام الدستوري للمملكة على أساس فـــصــل الســـلـــط، وتوازنها وتعاونها، والديموقراطية المواطنة والتشاركية، وعلى مبادئ الحكامة الجيدة، وربـــط المســـؤولية بالمحاسبــــة”.
على من تقع مسؤولية الدفع بتطبيق هذا المبدأ الدستوري؟ أليس على الأحزاب السيّاسية والجمعيات الحقوقية؟
بعد احتجاجات “الفنيدق” وفاجعة “طنجة”، تقاطرت البيانات من التنظيمات السيّاسية والمدنية التي كادت أن تتطابق لبعضها البعض، وتُردّد عبارات فضفاضة من قبيل: “نُحمّل الدولة المسؤولية.. وندعو لفتح تحقيق نزيه”.
وهي عبارات قِيلت في عدد من الأحداث، ويُنتظر أن تُقال مستقبلا في أحداث أخرى، إذا لم تتوقف التنظيمات المدنية والسيّاسية، وتُجيب عن هذه الأسئلة: ما المقصود بالدولة؟ وما دورها كتنظيمات فاعلة داخل الحدود الجغرافية للدولة؟
فمن المتفهّم جداً أن يعبّر المواطن عن رأيه بشأن “الأحداث” في الفيسبوك، في الوسائل الإعلامية، في الشارع، بعبارات فضفاضة غاضبة، لكن، بالنسبة للتنظيمات السياسية والمدنية، ألا يجدر بها، مثلا، أن تُنجز تقريرا واضحا دقيقا حول “حدث معين”، تُحدد من خلاله “المسؤولية ومن يتحملّها بدقة”، ومن تقع عليه “مسؤولية المحاسبة بدقة”، وتُعلّل ذلك بـ”النصوص القانونية”؟
إن استمرارها في إصدار بيانات “كوكوت مينوت”، لا يضر بها فقط، ويجعلها محط سخرية لدى المواطنين الذين يصفون بياناتها بـ”البلابلابلا”، ويصفونها كتنظيمات بـ”الدكاكين الاسترزاقية”، وإنما يضر بالوطن ككل؛ إذ تكرس للواقع القائم على الافلات من العقاب من جهة، وتدفع بالجميع إلى التطبيع مع “ثقافة اللامسؤولية” من جهة أخرى.
لهذا عليها أن تتوقف عن إصدار بياناتها الفضفاضة “الخشبية”، وتصريحات زعمائها الفارغة، وتؤسس، مثلا، لجانا تابعة لها، متخصصة في القانون، تدقق الأمور، وبذلك تكون قد ساعدت سلطة النيّابة العامة في التحرك ضد الفساد أو على الأقل تكون قد مارست دورها في تأطير المواطنين.