“الاستقلال”.. من قلب الحكومة إلى معسكر الانتقاد

في تحول لافت في المشهد السياسي المغربي، وجّه حزب الاستقلال رسائل مشفرة وحادة، تشكك في مدى التزام المؤسسات السياسية بقيم الشفافية والنزاهة، مطالبًا بتجديد العمل على تخليق الحياة العامة وتعزيز آليات الرقابة والمحاسبة، في وقت تتصاعد فيه حرارة الاستعدادات للاستحقاقات الانتخابية القادمة.
وتجلّت ملامح التوتر داخل الأغلبية الحكومية، مع تصاعد حدة الانتقادات التي يوجهها حزب “الميزان” لحلفائه في الحكومة، خاصة مع تركيزه الأخير على قضايا ارتفاع الأسعار وطريقة تدبير الدعم العمومي للفئات الهشة والمهن المرتبطة بالقطاع الفلاحي ودعم استيراد الماشية للتخفيف من ارتفاع اسعار اللحوم الحمراء.
رغم تواجده في قلب الجهاز التنفيذي، لم يتردد الحزب في تبني خطاب أقرب إلى المعارضة، وهو ما أضحى جلياً من خلال مواقف أمينه العام، الذي أطلق تصريحات قوية تطال خيارات الحكومة في ملفات اجتماعية واقتصادية حساسة، مثل استيراد المواشي، ودعم “الفراقشية”، وإخفاق السياسات الموجهة للشباب والنساء.
وفي هذا السياق اقترحت اللجنة التنفيذية للحزب، ضمن بلاغ صادر أمس الخميس 10 أبريل الجاري عن اجتماعها الأخير، مراجعة شاملة لقانون حرية الأسعار والمنافسة، داعية إلى ترسيخ مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة، وفتح نقاش حول ميثاق أخلاقي للمؤسسات السياسية يضمن استعادة الثقة الشعبية في الممارسة السياسية.
وفي الوقت الذي ينتقد فيه الحكومة، أشاد الحزب بالنجاحات التنظيمية والميدانية التي سجلها خلال إطلاقه لمبادرة “2025 سنة التطوع”، معتبراً أن هذا البرنامج يعكس مدى تفاعل الشباب المغربي مع القضايا المجتمعية، ويشكل أرضية خصبة لإعادة ربط الجسور مع القواعد الشعبية، خاصة في المناطق المهمشة.
تحركات حزب الاستقلال في اللحظات الأخيرة من عمر الولاية الحكومية، يراها عدد من المتابعين مؤشراً على محاولة رسم تموقع جديد، يتيح له اللعب على حبل التوازن بين البقاء في الحكومة وتهيئة نفسه للعب أدوار أكبر في الانتخابات المقبلة، خصوصاً في حال إخفاق التجربة الحالية برئاسة حزب التجمع الوطني للأحرار.
- إشهار -
سياسياً، لم يغيب ملف الصحراء المغربية عن خطاب الحزب، إذ عبّر عن ارتياحه للزخم الدولي المتصاعد الداعم لمغربية الأقاليم الجنوبية، مشيداً بالموقف الأمريكي المتجدد، ومعتبراً أن مشروع الحكم الذاتي يظل الإطار الواقعي الوحيد لتسوية النزاع المفتعل.
ودعا الحزب، على اثر اجتماع قيادته الأخير، إلى تحصين الجبهة الداخلية وتعزيز الوحدة الوطنية، في ظل التحديات الراهنة التي تواجه البلاد على أكثر من صعيد، مؤكداً على أهمية التعبئة المستمرة لإنجاح المشروع الوطني التنموي الشامل تحت قيادة الملك محمد السادس.
وقبل أيام وفي خرجتين مستقلتين، تحدث زعيم حزب الاستقلال- وزير النقل واللجيستيك- نزار بركة، ووزير الصناعة والتجارة، الاستقلالي رياض مزور، عن وجود 18 شخصًا استفادوا من 13 مليار درهم، دون أن يكون لهذا الدعم أي أثر على أسعار اللحوم الحمراء وأضاحي العيد خلال السنوات الماضية.
وخلفت هذه التصريحات تفعلات قوية وصلت إلى حد مطالبة مكونات المعارضة بمجلس النواب بتشكيل لجنة تقصي الحقائق للنظر في الشبهات التي طرحها الوزيران، لترد الأغلبية بطلب تشكيل مهمة استطلاعية في محاولة لامتصاص غضب الشارع من جهة وإفشال التحقيق البرلماني الذي دعت له المعارضة من جهة ثانية.