“غياهب الوجع “ديوان شعري يبحر بنا في عوالم الحنين والاغتراب بلغة شفيفة

يبصم الشاعر نورالدين طاهري في عمله الشعري الجديد الموسوم بـ”غياهب الوجع” تجربة نوعية محمّلة بنبض التجربة الإنسانية، حيث تتداخل المشاعر العميقة بين الحنين والاغتراب، وبين الألم الذي يعتصر الروح والأمل الذي يلوح في الأفق.
في هذا الديوان، الصادر حديثا عن منشورات النورس، يبحر الشاعر في مجاهيل الوجدان، مستكشفا خبايا النفس البشرية عبر لغة شعرية تجمع بين الشفافية والعمق.
يتنقل القارئ بين صفحات هذا الديوان في رحلة تأملية تمزج بين الشجن والبحث عن الخلاص. ويخوض مغامرة تجربة إنسانية مشبعة بالمكابدة، حيث تتجلى معاناة الروح في صور شعرية تنساب بسلاسة بين الحزن والتوق إلى أفق أكثر رحابة. كل قصيدة هي مرآة تعكس صراع الإنسان مع ذاته ومع محيطه، حيث نقف أمام مشاهد شعرية تحاكي لحظات الانكسار، لكنها في الوقت ذاته تبث ومضات من الأمل الخافت.
ينتمي “غياهب الوجع” إلى أدب المهجر، وتتجسد تجربة المهاجر في صراعه مع الغربة والحنين، بين الوطن الذي يسكنه والمكان الجديد الذي يحاول التأقلم معه. يوظف الشاعر لغته لتصوير هذا التشظي الداخلي، مقدّما صورا شعرية تعكس معاناة الاغتراب النفسي والجغرافي. إنه صوت يعبّر عن كل من وجد نفسه عالقا بين ضفتين، بين ماض يأبى الرحيل وحاضر يتطلب التأقلم.
- إشهار -
ما يميز هذا الديوان هو قدرته على التعبير عن المشاعر بعمق تأملي، متكئا على لغة مكثفة، تتخللها صور شعرية دقيقة تعكس رؤيته الفلسفية للحياة. يتشابك الرمز بالمجاز، ويتقاطع الواقع بالحلم، مما يجعل القراءة تجربة حسية وفكرية في آنٍ واحد. القصائد ليست مجرد بوح ذاتي، بل هي لوحات أدبية تجسّد مشاهد حياتية مشتركة، تلامس قلوب القرّاء وتفتح لهم نوافذ للتأمل.
يشكل “غياهب الوجع” إضافة نوعية إلى الشعر المهجري، ويستكشف الشاعر فيه أبعادا جديدة للتعبير الشعري، مزاوجا بين التجربة الذاتية والبعد الإنساني العميق. يحمل الديوان بين طياته لحظات صادقة من المعاناة والتأمل، معبرا عن نضج واضح في الرؤية والأسلوب، مما يجعله محطة بارزة في مسيرة الشاعر وإضافة قيّمة إلى أدب الهجرة.