مخاوف كبيرة بسبب التغيرات الديمغراتفية في المغرب
تغيرات هيكلية كشفت عنها المندوبية السامية للتخطيط في المغرب، في بنية السكان وعدد قاطني المدن وأفراد الأسرة، تمهد لبنية ديمغرافية جديدة في البلاد.
في وقت تراجع فيه عدد أفراد الأسرة الواحدة من 4.6 إلى 3.9 فرد خلال فترة الأعوام 2014 و2024 على المستوى الوطني.
ويرى خبير مغربي أن تمركز جزء كبير من السكان في 7 مدن، يبين جاذبيتها من حيث الفرص الاقتصادية والخدمات المقدمة، إلا أن ذلك يشكل ضغطا على الموارد والخدمات في المستقبل.
وعلى مدار شتنبر الماضي، نظمت المملكة للمرة السابعة في تاريخها عملية الإحصاء، حيث تجريه كل 10 سنوات، ونشرت نتائجه في نونبر الماضي.
تغير ديمغرافي
أفادت معطيات الإحصاء أن عدد السكان يفوق 36 مليون نسمة، وأن 7 مدن من أصل 67، تضم 37.8 بالمئة من السكان في البلاد.
والمدن السبع الكبرى التي تضم 37.8 بالمئة من السكان موزعون بواقع 3 ملايين و236 ألف نسمة في الدار البيضاء، تليها طنجة بمليون و275 ألف نسمة.
ثالثا تأتي فاس بمليون و183 ألف، ومراكش بمليون و15 ألف، وسلا بـ 945 ألف نسمة، ومكناس بـ562 ألف نسمة، والعاصمة الرباط بـ 516 ألفا.
الخبير الاقتصادي سامي أمين، قال إن الأرقام تبين جاذبية هذه المدن الكبرى من حيث الفرص الاقتصادية، والخدمات المتقدمة، والبنية التحتية، وباعتبارها مدن تتوفر على مقومات الاستثمار من خلال البنية التحتية الأساسية والرقمية وتطور قطاع الاتصالات والخدمات.
وأضاف أمين أن ارتفاع عدد سكان المدن يبين أيضا القطاعات الواعدة والمستقبلية التي تتوفر بالمناطق الحضرية، مثل اقتصاد البيانات، والتجارة الإلكترونية، والنقل الذكي.
وتابع: ”وبالتالي يعكس هذا، توجها نحو التحضر والتمدن، خاصة أن الدولة قامت بمجهودات في هذا المجال“.
وزاد: “إلا أن هذا سيشكل ضغطا على الموارد والخدمات في المستقبل، لذا وجب الانتباه إلى هذا التحول والعمل أكثر على تطوير مناهج حديثة ومتطورة في التهيئة العمرانية”.
ودعا الخبير إلى إنشاء نوعية جديدة من الوكالات الحضرية (حكومية تعنى بإدارة العمران بالمدن)، لتطوير المدن الكبيرة والمدن الذكية وفق الخصوصية والثقافة المغربية.
وبلغ عدد السكان بالوسط الحضري 23 مليونا و110 آلاف نسمة، بمعدل نمو سنوي قدره 1.24 بالمئة، في حين بلغ عدد السكان بالوسط القروي 13 مليونا و718 ألف نسمة، بمعدل نمو سنوي بلغ 0.22 بالمئة.
وأرجع الخبير المغربي نسبة تطور سكان القرى المنخفضة بالمقارنة مع ارتفاع سكان المدن، إلى ضعف الخدمات وقلة فرص العمل في القرى، وعامل الجفاف بسبب آثار التقلبات المناخية، وهي عوامل تدفع بالشباب إلى الهجرة نحو المدن بحثا عن فرص عمل أفضل.
ودعا إلى خلق طبقة متوسطة في الوسط القروي، لتحقيق تنمية شاملة ومتوازنة بين المدن والقرى.
ولفت إلى أن خلق هذه الطبقة سيساهم في الحد من الفقر والهجرة نحو المدن، وتحقيق التنمية الاقتصادية المحلية، من خلال توفير فرص عمل وتشجيع تأسيس مشاريع صغيرة ومتوسطة في هذه المناطق.
ديمغرافية جديدة
وتظهر بيانات الإحصاء أن متوسط عدد أفراد الأسرة انخفض من 4.6 إلى 3.9 فرد بين 2014 و2024 على المستوى الوطني.
أما عدد السكان، فقد شهد منذ الإحصاء العام للسكان في 2014 زيادة تبلغ 2 مليون و980 ألفا و88 نسمة، أي بنسبة زيادة تقدر بـ8.8 بالمئة؛ إذ بلغ عدد سكان المملكة في آخر إحصاء أجري في 2014، نحو 33 مليون و850 ألف نسمة.
أما بالنسبة للعدد الإجمالي للأسر عام 2024، فبلغ 9 ملايين و275 ألفا و38 أسرة، بارتفاع نسبة 26.82 بالمئة مقارنة مع عدد الأسر الذي تم حصره في 2014.
وأرجع الخبير تراجع متوسط عدد أفراد الأسرة، إلى انخفاض معدلات الخصوبة وارتفاع متوسط العمر.
وتابع: “على المدى الطويل، يمكن أن يؤدي هذا الانخفاض إلى شيخوخة المجتمع، مما قد يضع ضغوطا على أنظمة الرعاية الصحية والتقاعد”.
وأوضح أن التشبع بثقافة المدن أدى إلى تحول في نمط الحياة ونظرة الأفراد للأسرة، حيث أصبحت العائلات الحضرية، وحتى القروية نوعا ما تميل للتركيز على تعليم وتطوير الأطفال بدلا من التركيز على العدد، مما يقلل من معدلات الخصوبة.
وبحسب الخبير، فإن التحديات الاقتصادية ساهمت أيضا في تراجع عدد أفراد الأسرة الواحدة، خاصة الضغوط الاقتصادية وارتفاع تكاليف المعيشة التي أثرت على الأسر في اتخاذ قرارات لتقليل عدد الأطفال، حيث يفضل الأفراد تحسين وضعهم المادي قبل التفكير في زيادة حجم الأسرة.
وبخصوص عدد الأجانب المقيمين في المملكة، بلغ 148 ألفا و152 نسمة عام 2024، مسجلا بذلك زيادة تبلغ 61 ألفا و946 نسمة، أي بنسبة تقدر بـ 71.86 بالمئة مقارنة مع عدد الأجانب سنة 2014.
المصدر: الاناضول.