التشكيلة الجديدة.. حكومة لتنفيذ برامج أم لتسيير أعمال؟
تواجه التشكيلة الجديدة للحكومة المغربية ملفات اقتصادية واجتماعية عديدة، مع تصاعد تطلعات المواطنين إثر تعديل موسع شمل 14 وزيرا في 23 أكتوبر الماضي.
ومن هذه الملفات “العجز المالي” لصناديق التقاعد، ومطالب العاملين بقطاعي التعليم والصحة.
وفي الوقت الذي رحل فيه الوزراء المعنيين ببعض هذه القطاعات الحيوية، مثل الصحة والتعليم، ينتظر المواطنون نتائج ملموسة لتجاوز بعض “الإشكالات”.
ورأى رئيس الحكومة عزيز أخنوش، في تصريح مؤخرا، أن حكومته تضم كفاءات وستواصل تنفيذ برامجها، وقد نفذت بالفعل برامج اجتماعية كثيرة.
لكن المحلل السياسي رشيد لزرق، يعتبر في حديث للأناضول، أن تشكيلة الحكومة الجديدة “بدون رهانات سياسية”، وينتقد تولي رجلي أعمال لوزارتي الصحة والتربية الوطنية، ويعتبر أنها مجرد حكومة “تسيير أعمال” مع اقتراب انتخابات 2026.
وفي أكتوبر الماضي، حدث تعديل وزاري موسع رفع عدد الوزراء من 24 إلى 30، إضافة إلى رئيس الحكومة.
وشمل التعديل دخول 14 وزيرا جديدا، وخروج 8 وزراء، واستمرار 16 وزيرا، بينهم 6 تكنوقراط.
والوزراء الستة هم: الخارجية ناصر بوريطة، والداخلية عبد الوافي لفتيت، والمكلف بإدارة الدفاع الوطني عبد اللطيف لوديي.
بالإضافة إلى وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية أحمد التوفيق، والأمين العام للحكومة محمد حجوي، والوزير المنتدب المكلف بالميزانية فوزي لقجع.
كفاءات الحكومة
وبخصوص حديث المعارضة عن أن تشكيلة لحكومته لا تضم كفاءات، قال أخنوش: “هذا كلام المعارضة، ولكن سواء الحكومة في تشكيلتها السابقة أو الجديدة تضم كفاءات”.
واعتبر في تصريحا اعلامية قبل أسبوعين أن الحكومة “نجحت في ظرف وجيز في اعتماد العديد من البرامج، مثل التأمين الصحي، وذلك في وقت قياسي رغم ما تطلب من مراسيم قانونية”.
وفي أبريل 2021 أطلق المغرب مشروعا لتوسيع برامج الحماية الاجتماعية، لتشمل العاملين في القطاعات الاقتصادية غير الرسمية.
وتقول السلطات إن المشروع هو أكبر عملية إصلاح اجتماعي في المملكة، وشمل في المرحلة الأولى تجارا وفلاحين وحرفيين ومقدمي خدمات مستقلين، ثم فئات أخرى بمراحل لاحقة.
ويستهدف المشروع في مرحلته النهائية شمول جميع المواطنين في برامج الحماية الاجتماعية.
أخنوش تابع: “كما قامت الحكومة بتفعيل المشروع الملكي بالدعم المالي الاجتماعي، والدعم المالي للحصول على السكن، بالإضافة إلى إصلاح قطاع الصحة والتعليم”.
ومطلع 2024، شرعت الحكومة في صرف أولى دفعات الدعم المالي للعائلات المحتاجة بمبلغ 500 درهم للأسرة الواحدة.
وزاد أخنوش أن حكومته “ستستمر في تنزيل البرامج الحكومية”، مضيفا أنه يعول على وزرائه لإصلاح قطاعات عديدة.
تعديل بدون رهانات سياسية
ولا يزال التعديل الحكومي الأخير يثير الجدل والنقاش في المغرب، في ظل تطلعات المواطنين المستمرة في ملفات عديدة.
المحلل السياسي المغربي رشيد لزرق يقول إن التعديل الأخير “بدون رسائل أو رهانات سياسية، واهتم فقط بملء مناصب وزارية”.
ويضيف أن هذا التعديل “جاء كمحاولة تهدئة للتوترات في قطاع التعليم والصحة، إلا أنه بدون دلالات سياسية على اعتبار أن مَن تقلد منصبي التعليم والصحة من رجال المال والأعمال”.
ويعتبر قطاعي التعليم والصحة أكثر القطاعات التي تعرف إضرابات للمطالبة بتحسين وضعية العمل وزيادة الأجور والتقاعد.
وفي ماي الماضي حذرت رئيسة المجلس الأعلى للحسابات زينب العدوي من تفاقم العجز المالي على مستوى أنظمة التقاعد، وهو ما يشكل تهديدا لتوازناتها المالية.
ومن بين الوزراء الذين غادروا الحكومة، الصحة خالد آيت طالب، والتعليم العالي والبحث العلمي عبد اللطيف الميراوي، والتربية الوطنية شكيب بنموسى.
وينتقد لرزق تقلد رجلي أعمال لمنصبي وزيري الصحة والتربية الوطنية، معللا ذلك بأنهما “غير متخصصين بهذين القطاعين”.
ويحذر من استمرار “خصخصة” القطاعات الاجتماعية، أي فتح المجال أمام القطاع الخاص للاستثمار في قطاعات عامة حيوية.
ولوزير التربية الوطنية محمد سعد برادة تجربة في عالم المال والأعمال، إذ كان يدير شركة لصناعة الحلويات وشركة عقارات ومختبر للأدوية، وهو عضو بحزب التجمع الوطني للأحرار.
كما أن لوزير الصحة أمين التهراوي تجربة في إدارة الأعمال والتجارة، وشغل سابقا منصب مدير مكتب أخنوش، حين كان وزيرا للفلاحة.
ويرى لرزق أنه يجب “عدم توقع الشيء الكثير من التعديل الحكومي، خاصة أنه جاء بعد صدور مشروع موازنة 2025 الذي تم تقديمه قبل أيام التعديل، ولم يحمل المشروع جديدا”.
كما يلفت إلى “قصر مدة ما تبقى من الولاية الحكومية، وهي سنة واحدة، على اعتبار أن 2026 هي سنة الانتخابات (شتنبر 2026)”.
لرزق يعتبر أن “الأمر سيقتصر على تسيير الأعمال فقط”، في إشارة إلى أنه خلال عام الانتخابات في المغرب غالبا ما يتم تأجيل تنفيذ عدد من المشاريع لحين حسم الانتخابات وتشكيل الحكومة الجديدة.
أول تعديل
وردا على النقاش حول غياب اللمسة السياسية لبعض الوزراء، قال أخنوش في مقابلته إن التعديل الحكومي “ضم شخصيات وازنة وكلهم داخل الأحزاب السياسية”.
وتابع: “كل الوزراء الجدد لديهم كفاءات، لأن لديهم تجربة في التسيير، والحكومة في حاجة لعدد من المشاريع، لذلك يتطلب الأمر السباق مع الزمن لتنزيلها في أحسن الظروف”.
ورأى رئيس الحكومة أن “الظرفية بحاجة إلى وزراء سياسيين قادرين على الاشتغال وتنزيل البرامج وشرحها للمواطنين”.
وتعديل أكتوبر هو الأول على حكومة أخنوش، منذ تكليفه بالمنصب في 7 أكتوبر 2021.
وإضافة إلى حزب “التجمع الوطني للأحرار”، الذي يشغل أخنوش منصب أمينه العام، تضم الأغلبية البرلمانية كلا من حزب “الأصالة والمعاصرة” وحزب “الاستقلال”.
المصدر: الأناضول.