البيان “الأضحوكة” لنبيل بركة.. “ولد الصالحين” كاد أن يحول مغاربة أحرار إلى خمّاسين!
وأخيرا، وبعدما قامت الدنيا ولم تقعد، ومرت أيام وأيام، “سقطت” فكرة “بيان حقيقة” على رأس “ولد الصالحين”، نبيل بركة، للرد على الاتهامات الموجّهة إليه بخصوص مخطط لنهب 1186 هكتارا من الأراضي، بعضها ملك غابوي مملوك للدولة، وبعضها مملوك لجماعة تازروت، وبعضها في الملكية الخاصة للسكان، إنها واحدة من أكبر محاولات وضع اليد، بغير حق ودون أي سند قانوني، على مساحة شاسعة من أراضي الأغيار (عموميين وخواص)، تتضمّن دواوير وآلاف السكان وإقامات وفيلات ومقار إدارية ومدارس، ليصبح الكل تحت ملكية عائلة بركة، وليصبح للسي نبيل “الحق” في المطالبة بـ”الواجبات المالية” لـ”استغلال ملك خاص”، وسيصبح الجميع مطالبا بالأداء، بدءا من السكان الذين سيتحوّلون إلى مجرد “خمّاسة” في “بلادات بركة”، وصولا إلى الإدارات التابعة لمختلف الوزارات، من وزارة التعليم إلى وزارة الداخلية…
بيان “ولد الصالحين” الشريف نبيل بركة نَهَج نفس أسلوب “بنت الصالحين” للاّ الشريفة فاطمة الزهراء المنصوري، في ممارسة “الدريبلاج” للتهرّب من الجواب على الاتهامات الأساسية، وبالمقابل سيورّط معه، في القضية، بعد زوجته منسّقة الأمانة العامة الثلاثية لحزب الأصالة والمعاصرة، كلًّا من محافظ الأملاك العقارية بالعرائش، والأمين العام لحزب الاستقلال، كما سنبيّن أدناه…
لكن قبل ذلك، لنتأمل جيّدا اللغة الماكرة المستعملة في البيان، والهادفة إلى صرف الأنظار عن الوقائع الفعلية موضوع الاتهامات الموجّهة إلى الشريف نبيل بركة…
أول تعبير ماكر، نجده في اللعب على “الكلمات الغليظة” في توصيف الاتهامات الموجهة إلى نبيل بركة بكونها “مغالطات وافتراءات”، محدّدا هدفها في “الإساءة لشخصي وأسرتي بشكل مباشر”، ومحدّدا آلياتها في “التشهير عبر بعض وسائل الإعلام”، و”النبش في الحياة الشخصية وربطها بمجموعة من الأحداث لتضليل الرأي العام الوطني”، دون الحديث عن التهديد باللجوء إلى “القضا” كما ردد…
الاستعمال المقصود لألفاظ بعينها يستهدف استدراج واستدرار واستقطاب وحتى “تسوّل” التعاطف من قبل الرأي العام، بتعابير ماكرة تَعْرض المتهم بصورة “ضحية”، وأن “المسكين” تعرّض لـ”الإساءة”، عن طريق “النبش” في حياته الشخصية، التي، صراحة، لم أجدها في أي مقال إخباري أو تحليلي ولا في أي مادة سمعية بصرية، إذ كل ما هو متداول وطنيا يتعلّق بوقائع معلومة عن معاملات إدارية تتوفر فيها عناصر فساد، وهو ما يهمّ الرأي العام، الذي لا تهمّه الشؤون الشخصية لـ”ولد الصالحين”، فتلك حياته الخاصة.
بيد أن التعبير الماكر، الذي سنتعرّض له في هذه الفقرة، فاق كل التوقّعات، و”خرج عن السيطرة”، وحوّل “بيان الحقيقة” إلى “أضحوكة”، تثير السخرية، بل تثير الغثيان، ويتعلّق الأمر بمحاولة تبرير التأخر في الرد على الاتهامات الموجّهة إلى الشريف، إذ أن “ولد الصالحين” المسكين، لم يلتفت إلى الاتهامات الفادحة رغم صلتها بعملية فساد خطير تتعلّق بمحاولة نهب مساحة شاسعة من أراضي جماعة ترابية، لأن المسكين كان منشغلا بـ”إطعام” المساكين القاطنين بمداشر مولاي عبد السلام بنمشيش، وبتنظيم “قافلة الخير”، وبمتابعة “العمليات الجراحية والكشوفات الطبية وعملية ختان أطفال الدواوير المجاورة”، أوردها (هكذا) بشكل ماكر دون أي بيانات تحديدية، لكن الأضحوكة المسخرة الكبرى هي “التمسّح” بـ”الشُّرْفا” و”الصُّلّاحْ”، بالقول إن “الخير” الذي يعمله في الناس “سيرا على نهج الشرفاء العلميين وأتباع الطريقة المشيشية الشاذلية، اتباعا للسنة الحميدة في الاحتفاء بمولد خير البرية”! عجبا لهؤلاء الذين لم يكفهم الاستقواء على سكان المنطقة بقوة النفوذ، فلجأوا إلى الاستقواء على الرأي العام بـ”أعمال الخير”، التي “تشيطن” عمليا كل المخالفين لـ”وْلاد الصالحين”!
ومن المكر إلى “الكذب”، الذي روّجه على أحمد الوهّابي، والواقع أن هذا الأخير تصدى لنبيل، ليس كنزاع شخصي، وإنما بصفته رئيس جماعة تازروت لحماية المقار الإدارية للجماعة والملك الغابوي للدولة، وكذا أملاك سكان المنطقة، لأنهم يحوزون الأرض ويتصرفون فيها، وهم أنفسهم الذين تصدّوا لنبيل ولمن معه، ونجحوا في توقيف عملية التحديد الإداري للأراضي، التي كان والعائلة والشرفاء كما سبق أن راح يريدون السطو عليها دون سند قانوني، أو موجب حق، بدليل أن والده المرحوم سلّمه وكالة من أجل القيام بتحفيظ 1186 هكتارا، كما يوضّح ذلك مضمون الوكالة الموقّعة والمصادق عليها، ..
لكن، تبقى أكبر عملية “دريبلاج” تناورية، هي الادعاء أن “مساحة 1186 هكتارا تندرج في مسطرة التحديد الإداري وليس التحفيظ”، وأن “مطلب التحفيظ عدد 36-2025، الذي تم إيداعه سنة 1998، مسجل باسم الشرفاء العلميين وليس باسم نبيل بركة”، وهذا تضليل مفضوح، أولا لأن التحفيظ مشروط بالتحديد الإداري للعقار المطلوب تحفيظه، فالغاية هي التحفيظ، أي تملّك العقار المعني، تملّك بمعنى “السطو” و”الاستيلاء”، ثانيا لأن المجال الترابي المدرج بمطلب التحفيظ تسكنه عائلات وأسر من مختلف القبائل بالمداشر والمدن، بعضه في ملكياتهم الخاصة، وبعضه في ملك الدولة، وبعضه في ملك الجماعة!
وفي هذا المطلب، الذي نعني فيه بـ”الملكية الخاصة” عائلة بركة وليس نبيل بركة كشخص، يورّط “ولد الصالحين”، بشكل رسمي، كلا من الأمين العام لحزب الاستقلال وكذا محافظ العرائش… فمحاولة نهب 1186 هكتارا قام بها نبيل بركة ليس لفائدته الشخصية، وإنما لفائدة وباتفاق كل أفراد عائلة بركة، وفي الصدارة ابن عمه نزار بركة، الذي يروج أنه يستعمل “نفوذه”، إذن فالمطلوب من السي نزار بركة إبعاداً لكل شبهة، كما هو الحال مع منسقة الأمانة الثلاثية للبام، أن يخرج إلى الرأي العام ببيان توضيحي حول عملية السطو هذه، التي تعنيه بصفة عضو هذه العائلة.. وفي هذا الصدد، وتبعا لحديثه عن أن إجراءات التحفيظ كانت بالتنسيق مع محافظ الأملاك العقارية بإقليم العرائش، فإن هذا الأخير سيعتبر “شريكا” كامل المسؤولية في العملية، دون أن تتوفّر لديه أي وثيقة رسمية لملكية الأراضي المستهدفة، مما جعل السكان يتقدّمون بشكاية ضد المحافظ نفسه، لمشاركته في محاولة التحفيظ الفاشلة هذه!
يقول المثل: سكت دهرا ونطق كفرا”، ويقول مثل آخر “تمخّض الجبل فولد فأرا”، تلك هي خرجة “ولد الصالحين”، الذي كان صمته يستره، وعندما تكلّم افتضح أمره، وتجعلنا نطرح ألف سؤال وسؤال مُرّ: هل بمثل هذه النماذج، وتلك النُّخب التي “تحميها” سننخرط في مسار تشكّل مغرب الغد، مغرب ولي العهد؟! مرّة أخرى، أقول: هَزُلت.