لكم الله يا طلبة المغرب.. إقصاء في إقصاء وتجاهل في تجاهل
إنه لمن المحزن والمؤلم أن نرى اليوم طلبة المملكة المغربية، شباب المستقبل وأمل الوطن، يُعاملون بهذا الجحود والتجاهل. طلبة حاصلون على دبلوم تقني متخصص من التكوين المهني الخاص، بالإضافة إلى شهادة البكالوريا في شعبة “العلوم الاقتصادية والتدبير المحاسباتي”، يواجهون الإقصاء مرة تلو الأخرى. أين هم المسؤولون؟ أين هم الذين يحملون على عاتقهم مستقبل التعليم العالي؟ أين الوزير؟ أين المدراء الوصيون على القطاع؟ يبدو أن آذانهم صُمت، وعيونهم عُميت عن رؤية حجم المعاناة التي يعيشها هؤلاء الطلبة.
إقصاء ممنهج واستبعاد غير مبرر
إن الطلبة الذين يحملون شهادة البكالوريا في شعبة “العلوم الاقتصادية والتدبير المحاسباتي”، ورغم حصولهم على دبلومات تقنية متخصصة في مجالات حيوية كـ”الأنظمة والشبكات المعلوماتية”، يقفون اليوم عاجزين أمام أبواب التعليم العالي. يتم استبعادهم بذرائع واهية وبحجج غير منطقية، على رأسها أن شهادة البكالوريا التي حصلوا عليها “لا تؤهلهم” لدخول تخصصات الهندسة المعلوماتية أو الإجازة المهنية في المدارس العليا الخاصة. وكأن البكالوريا التي اختاروها في سن المراهقة يجب أن تحدد مصيرهم الأكاديمي والمستقبلي للأبد!
هل يعقل أن يُحرم طالب أظهر تفوقاً في مجاله التقني من متابعة دراسته الجامعية فقط بسبب اختيار أكاديمي سابق عبارة عن شعبة لشهادة البكالوريا؟ هل هذا هو التعليم الذي نصبو إليه في المغرب؟ تعليم لا يراعي قدرات الطلبة الحقيقية ولا يعترف بتفوقهم في تخصصات حيوية مثل التكنولوجيا والمعلوميات؟ إن هذه السياسة تشكل إجهاضاً لطموحات جيل كامل وتدميراً لأحلامه في الوصول إلى مراكز ريادة تكنولوجية من شأنها أن تنهض بالبلاد.
تجاهل واضح وصمت مريب
كل هذه المعاناة لم تجد من يسمعها. الطلبة يطرقون الأبواب، يقدمون رسائل من مختلف المنابر الإعلامية، يعقدون الآمال، لكن الرد هو صمت مدوٍ من وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار. لا الوزير خرج بتصريح يوضح فيه الأمور أو يعِد بحل المشكلة، ولا المدراء الوصيون على قطاع التعليم العالي أبدوا أي اهتمام حقيقي بحل هذه الأزمة التي تمس مئات الطلبة التكوين المهني الخاص. كيف يمكن لمؤسسة تعليمية أن تضع حواجز غير مبررة أمام الشباب الطموح و تقول هدشي من عند الوزارة؟ كيف يمكن لبلد يسعى إلى الريادة في التكنولوجيا أن يُقصي كفاءات أبنائه من ولوج تخصصات أساسية لبناء الاقتصاد الرقمي؟
إن هذا التجاهل يجعلنا نتساءل: أين تطبيق خطابات الجانب الشريف أسماه الله و أعز أمره سيدنا الله ينصروا الذي ينص فيها إلى إنصات إلى مشاكل الشباب؟ أين هو حس المسؤولية؟ أين هي سياسة تكافؤ الفرص التي لطالما تغنينا بها؟ هل فعلاً يسير التعليم العالي في المغرب نحو التطوير أم أن الأمر لا يعدو كونه شعارات لا تجد صدى على أرض الواقع؟
الشباب، أمل المغرب، في مهب الريح
لا يخفى على أحد أن المغرب يعيش تحديات كبيرة على مستوى سوق العمل، وأن التكنولوجيا تعد أحد الحلول الأساسية لتحقيق نهضة اقتصادية شاملة. ومع ذلك، فإن إقصاء الطلبة من متابعة دراستهم في مجال الهندسة المعلوماتية أو الإجازة المهنية يقوض هذه الآمال. هؤلاء الشباب الذين استثمروا سنوات من عمرهم في تكوينهم التقني، والذين يتمتعون بخبرات عملية ملموسة في مجال التكنولوجيا، هم من يجب أن يُعطى لهم الفرصة ليكونوا في طليعة هذه النهضة.
لكن مع الأسف، يجدون أنفسهم اليوم مهمشين، بين مطرقة نظام تعليمي متحجر وسندان تجاهل المسؤولين. هل هذا هو الوطن الذي يُعاقب فيه الشباب على طموحهم؟ هل هذه هي البيئة التي تُدمر فيها الكفاءات بدلاً من تمكينها؟
دعوة للتغيير: مطالب مشروعة وحلول عاجلة
إن مطالب هؤلاء الطلبة مشروعة وعادلة. هم لا يطلبون المستحيل، بل يطالبون فقط بالعدالة الأكاديمية والحق في استكمال مسارهم الدراسي في تخصصات تتناسب مع تكوينهم وخبراتهم. إن حل هذه الأزمة يجب أن يكون أولوية قصوى، وعلى الجهات المسؤولة أن تتحمل مسؤولياتها وتعمل على إصلاح النظام التعليمي بما يضمن فرصاً عادلة ومتساوية للجميع.
الحل بسيط وواضح: فتح جسور بين التكوين المهني الخاص والتعليم العالي الخاص، والسماح للطلبة الحاصلين على دبلومات تقنية متخصصة بشعبهم المختلفة حتى شعبة علوم اقتصادية و تدبير محسباتي بمتابعة دراستهم في الإجازة المهنية وسلك الهندسة المعلوماتية. هذا ليس مطلباً تعجيزياً، بل هو خطوة أساسية لضمان تكافؤ الفرص وتطوير نظام تعليمي يتماشى مع متطلبات العصر.
في الختام: لكم الله يا طلبة المغرب
في ظل هذا التجاهل المستمر والإقصاء غير المبرر، لا يسعنا إلا أن نقول لكم الله يا طلبة المغرب. أنتم الذين تحلمون بمستقبل أفضل وتعملون بجد من أجل تحقيقه، أنتم الذين تعانون من نظام لا يعترف بكم، أنتم مستقبل هذا الوطن، لكنكم تُتركون وحيدين في معركة ضد الجهل والبيروقراطية.
لكم الله، وعلى أمل أن يصحو ضمير المسؤولين قبل فوات الأوان.
لك الله يا مغرب
لك الله يا مغرب
لك الله يا مغرب