بين واقعة الفنيدق وطنجة.. من يتحمل المسؤولية؟


أغلب اللذين حملوا الدولة المسؤولية الأولى عن احداث الفنيدق، حملوها كذلك المسؤولية عن واقعة طنجة، فكل الانفلاتات الأخلاقية هي دليل على فشل سياسات الدولة الموجهة للشباب والطفولة.

واغلب اللذين ارجعوا توافد القاصرين على الفنيدق إلى فشل الوالدين/ الأسرة، اعتبروا ما حدث في طنجة دليلا على سوء التربية داخل الأسر.

شخصيا، لا أرى رابطا بين الواقعتين.

فالأولى يبقى الفقر وقلة فرص الشغل، كما الإغراء الذي يمارسه الوضع الجيد للمهاجرين غير النظاميين اللذين نجحوا في تسوية وضعهم القانوني، عوامل حاسمة، وعليه يمكن أن نعتبر مسؤولية الدولة ثابتة من خلال فشل نموذجها الاجتماعي والاقتصادي، الذي لم يساهم إلا في مفاقمة الفوارق الاجتماعية والمجالية، طبعا دون إلغاء الأسباب الأخرى.

أما الثانية، فلا يجب تبريرها، لا بفقر، ولا بفشل المدرسة، ولا بأي شيء آخر، لأن التبرير يتحول إلى قبول ضمني بممارسة مقززة.

ولكن في الوقت نفسه، أرى أن الحدث بكل بشاعته، هو حدث معزول، وهنا الفرق الآخر بينه وبين ما وقع في الفنيدق.

فإذا كانت محاولات الهجرة غير النظامية لم تتوقف منذ التسعينيات، فإن ما حدث في طنجة لا توجد له سوى وقائع مشابهة قليلة ونادرة (فتاة الطوبيس في كازا مثلا).

منذ سنوات طويلة، والفقر موجود، والمدرسة فاشلة، ونساء كثيرات يلبسن مثل تلك الملابس ولم تحدث عمليات “تعرية” بذلك الشكل المقزز إلا من حالات معزولة لا تستنسخها ولكن مشابهة لها في ناحية من النواحي.

هناك من يعتبر تلك الملابس حرية شخصية، وهناك من له موقف منها بخلفية “دينية” او “اجتماعية”، ولكن دون أن يصل الأمر إلى محاولات الاعتداء الجسدي واللفظي في الشارع العام. (التحرش اللفظي موضوع آخر، وهو مرفوض طبعا). وبالتالي فإن استحضار لباس الفتاة في “الفهم” أو التبرير هو سقوط أخلاقي وقيمي (يشبه من يتساهل مع ظلم إذا مورس ضد من يختلف معهم).

- إشهار -

وحتى دوافع الاعتداء على الفتاة حسب الفيديو لم تحركها دوافع دينية أو :اخلاقية:، بل هي بدافع “بلطجي” واضح.

نحن أمام سلوك انحراف حاد للجانحين.
وحتى رد الفعل السلبي وغير المقبول وغير المبرر ممن حضروا الواقعة نجده يتكرر حسن يكون الاعتداء صادرا عن جانحين، وخصوصا بالليل (بدافع الخوف منهم غالبا، ولو كانوا قاصرين).

ومن يعرف مكان الحادث، سيفهم قصدي، إذ إنه يعج ليلا بالجانحين الذين يعيشون في الشارع، أو القاصرين غير المرافقين الفارين من اسرهم لأسباب مختلفة، كالعديد من الأمكنة القريبة من العلب الليلية.

هذا الحادث لحد الآن يبقى من الحوادث المعزولة، وليس ظاهرة مثل “الكريساج”.

لكن التساهل معه قد يحوله لظاهرة، وسيكون مفعوله مثل “التشالانج” المحمول رقميا، ولكن سيكون “تشالانج” لفئة من الجانحين بدورها تستهلك التيكتوك وما جاوره.

لذلك في اعتقادي يجب أن لا يتم التساهل معه لا من طرف المكلفين بإنفاذ القانون، ولا من طرف المجتمع.، ولا يجب تبريره بأي مبرر.

إن من يرفع تنورة فتاة بانتشاء، وفي إطار “التسابق” على من سيقوم بالفعل ( البحث عن بطولة لحظية وسط جماعة من الجانحين)، يمكن أن يقوم بنزع لثام منقبة في إطار نفس “اللعب” (شكون يقدر،،، ).

أعجبك المقال؟ شاركه على منصتك المفضلة..
قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد