رسالة إلى وهبي.. التاريخ قاس… لا دايم غير الله


الرفيق وهبي…
الأخ وهبي…

    يمكنكم الاشتراك في نشرتنا البريدية للتوصل بملخصات يومية حول المقالات المنشورة على الموقع

    الاشتراك في النشرة البريدية

    الأستاذ وهبي

    معالي الوزير وهبي

    المواطن المغربي وهبي…

    الحديث هذه الأيام حولك غدا سجالا، أطرافه متعددون… محامون… جمعيات… أحزاب… محللون…. صحافيون… فقهاء… دعاة… وعاظ… شعبويون… فوضويون… يساريون… ليبراليون… مواطنون…

    حتى الحمقى وجدوا موطئ قدم في سجال حولك…

    أقصد وهبي اللطيف…

    الخفيف الظل بشهادة الأصدقاء…

    السليط اللسان حد الانتحار اللغوي … زمن الإعصار البرلماني…

    دعني أخاطب وهبي….

    معالي الوزير…

    على لغة بعض إخوتنا من العرب…

    دعوني أفتح قوسا” لا أفهم… صفة فضيلة الشيخ… ولا آية الله، ولا ظل الله، ولا كثيرا من الألقاب، لكن أكثرهم غرابة هو فضيلة، سيقول قائل إنه من المبالغة أن يحل المصدر محل الصفة: العدل/ العادل…الثقة/ الموثوق به/ الفضيلة/ الأكثر فضيلة: الفاضل….

    سأغلق القوس…

    وأخاطبك بلغة المغرب الحديث: السيد الوزير…

    أو بلا سيد، لأنني كاتب عمود، والصحافة تسمح لي بالتحرر من الألقاب دون التحرر من اللياقة والاحترام…

    “غادي نجمع معاك…”

    “نقرقبو الناب”

    أنت تعلم أنك صرت الوزير الأكثر جدلا…

    منذ أنشأت جهازا استخباراتيا يرصد لون الجوارب…

    وقلنا: لا مشاحة في القول، ولن نزايد على الرجل، فهو حديث العهد بالحكم، وآت من زمن سياسي لم يقطع معه بعد، حيث كل شيء قابل للرصد…والتعقب…

    ما أمكر اللاوعي….

    يعرينا أحيانا ويكشف كوابيسنا الخفية…

    وبرأنا الجوارب….

    وتبرأت منه الجوارب…

    فقد خفنا أن تصير خوفا جماعيا…

    فيتخلى المغاربة عنها…

    لأنها غدت بصمة وراثية…

    وتكفينا البصمة الوراثية التي قد تجعل كل مغربي يطارده عشرات الأطفال البيولوجيون…

    تلك نكتتك…

    للأسف أنت وبنكيران لا تجيدان القفشات السياسية…

    بنكيران حامض…

    وأنت ” عسري”… مع حسن النية…

    بنكيران بوحاطي….

    وأنت عفاط… الفم واش جاب…

    لكنك لطيف…. وطيب…

    كإحدى خالاتي: تقول كلاما يشتت الأعراس، ثم تقول” آش قلت….”

    مثل سقطة ” دين مو”…

    أعلم أنك لم تقصد الدين…

    بل خانتك أجواء زمان…

    بل أجزم أنك نطقتها” ذيل….” وهم حوروها….

    حماستك تورطك…

    كردك المريخي عن توظيف رفيقي عبد الوهاب خارج القوانين، بحجة أقبح بعذر….

    مازلت معك في نقاش أخوي…

    ولنقل رفاقي نوستالجي…

    « ربط تلقى ما طلق”

    فكل ما تأتي به… مثار جدل…

    والعيب أحيانا ليس فيما تأتي به…

    بل في الخطاب السياسي…

    وفي اختلالات التواصل والاتصال وصناعة ثقافة التبني” adoption massive par consultations formelles »

    العيب في طريقة الدفاع عن خياراتك…

    بلغة رجل الدولة… ومسؤول حزب راهن على مواجهة التطرف بالحداثة والديمقراطية بخصوصيات مغربية… تؤصل لحداثة تليق بمغرب متعدد…

    عيبك منهجي، وتكتيكي

    فأنت لا يفصل فصلا منهجيا الذات عن المنصب…

    أحيانا غضبك هو غضب وهبي الإنسان…

    لأن غضب وهبي الوزير، تلجمه الحكمة والمسؤولية، ولا يتحول تسلطا لغويا ولا ردود فعل… مهما… استفززت… تظل أنت الوزير القادر على صناعة الأمل لا اليأس، الوزير الذي لا يعتبر الغنى مجدا، ولا الدراسة في كندا فتحا مبينا، لأن جملتك المشهورة… جرحت… ومست كبرياء كل عاجز عن ضمان حتى منحة جامعية لابنه…

    لقد خرج منك الإنسان…. الذي يرد الصاع بصاعين…

    والوزير… لا يسخر من شعب عاجز… والفقر ليس تهمة..

    أت تعطل شخصية وهبي الإنسان… وتوظف ملكات وقدرات وأعراف وتقاليد رجل الدولة…

    يجيد الصمت… وإن تكلم… كأنه يحفر من صخرة الحكمة….

    أحيانا لغة الخشب طوق نجاة… حين لا نملك الجواب والتفاصيل…

    تعلم أن رجل الدولة إن استفز، يتكلم ولا يقول شيئا… كما خلعت بدلة وهبي الذي أقام الدنيا ولم يقعدها على 17 مليار…

    ولبست بدلة التحالف مع خنوش…

    ألن تقل مبررا تحالفك مع أخنوش:

    إن المواقع تختلف، ولرجل الدولة رؤية وسلوك غير ممارسة السياسة من خارج الدولة….

    فتفهمنا الأمر…

    لأن السياسة فن الكذب…

    لأن السياسة لا تكفر عن الحنث…

    شد عنان غضبك…

    فلست عدوك…

    وأنا في غنى عن ملتمس في شأني…لأي جهة..

    فأنا لا أساوي تكلفة” تحرير… ملتمس… ولا كل الهدر الزمني للمؤسسات من أجل حوار هادئ مع اشتراكي قديم…..

    تحملني… فأنا من القوات الشعبية، من الكادحين، ممن صنعتم وعيه الطبقي وركبتم المصعد الطبقي في أول فرصة…

    ألا أخذتنا معك…؟

    لنزل على الدنيا من فوق..

    كما أخذت رفيقي عبد الوهاب….؟

    لمجرد أنه غير تسريحة شعره ونظارتيه …

    فنحن مثله لم نعد نؤمن بعذاب القبر…. لأن نؤمن أن الله عادل… ويكفينا عذاب قبر الدنيا… قروض تقتات من عمرنا…وشبابنا

    صراحة… مازال صدى ضربات القوية على الطاولات يتردد في أذنك

    كم أحببناك

    كم أحبتك أمي…

    وأنت تصرخ “ردوا على المقاطعة…. أين الحكومة”…

    خفنا عليك من الجلطة…

    حتى أصابتنا نحن الجلطة والسكري والشلل مع صاحبك أخنوش…

    اشتقنا

    لصخبك… في مواجهة صاحب السبعة الملايين، والسلام على العابرين..

    ” قل للزمن ارجع يا زمان”

    أعلم أن أكثر قسوة على الشعوب…

    هم من أتوا من خيبات الاشتراكية…

    أعرف أنك تفهمني….

    فالتّاريخ علمنا…

    أن ما خابت اشتراكيته… نضجت وصوليته…وتهدلت بطنه، وتوسعت شهوة الملكية الخاصة لديه، وخرج منه جبار صغير….

    فمن ارتد عن الاشتراكية، صار شركاتيا…

    - إشهار -

    طبعا… أنت لست هذه الطينة، فأنت… لا تملك غير مكتبك…

    وكم أنت محسود على زبائنك…

    نعلم معا أن من تعقدت ممراته نحو السلطة، سلك نحوها مسلك الصحوة والمراجعة والتصحيح ، يسميها البعض نقدا ذاتيا، وآخرون مراجعات فكرية…

    تتعدد المسلك نحو فاكهة السلطة… حتى تكشف السلطة للشعب أن صناعة الوهم لا تصنع وطنا….

    يعلمنا التاريخ… أن أقسى السياسيين على الشعوب هم من أتوا من خراب الاشتراكية…. والحزب الواحد القادم من حركات التحرير الوطنية…

    يلطفون الشهوة للسلطة في البداية بجرعة من الديمقراطية….

    انتخابات وهمية… رئيس أبدي… ومافيا حاكمة…

    ولنا العبرة في نظام العسكر المجاور…

    لهذا كنا محظوظون… تاريخيا…

    هذا ترف فكري، لا علاقة به…

    فأحيانا أكلم نفسي…

    رجاء لا تطلق تلك القهقهة، التي يتساوى فيها بنكيران وغيره حين يتحولون مجرد جماعة تجلس على قارعة الطريق…

    نتفهمك أنك حين تغيرت مواقفك من قضية 17 مليار، وحماسك الذي كان فيه حينذاك بقية من صخب اليسار…

    أتفهمك… أنك حين كنت خارج الدولة…. كنت مضطرا أن تشهر جميع الأوراق…

    وتصخب… وتتوعد… وتهدد…

    فتلك هي السياسة…

    لا أخلاق لها…

    ولا حليف دائم…

    ولا خلطة جاهزة…

    أتفهم لمَاذا طويت ملف 17 مليار…

    فأنت الآن في موقع رجل الدولة…

    وزوايا الرؤية تختلف…

    سبقك غيرك…وقالوا إن الرؤية والمواقف تتغيران…

    لكن… التاريخ لا يتغير….

    ذاكرة الشعوب قاسية حتى على المؤرخين…

    لا عيب في هذا التحول التكتيكي…

    فللسلطة سحر يصنع الصمت… والتواطؤ… والتنازلات المرة…

    فتنة الزعامة هي شهوة أسقطت حتى الأولياء…

    لا ثابت في السلطة…

    لا الطريق ولا الرفيق…

    لا العهود ولا الوعود…

    أتفهمك… والله أتفهمك

    أجمل ما فيك أنك حداثي من طينة كاميكاز سياسي….

    طرحت قضية العلاقات الرضائية…

    طرحت بقوة ملف الحريات الفردية…

    جميل… مازال فيك بقية من رفيق مفتقد…

    رفيق…يا رفيق…

    أنت أدرى بمحنة العشاق وخصوصا المتحررين…

    كم أتعبونا ونحن نبحث عن مخبأ لممارسة العشق بلغة لوركا…

    كم أتعبونا ونحن نتبادل مفاتح ” البرتوش” لتخفيض صبيب شهوة جموح … ونحن نسمع أشعار درويش. ..

    وزجل رضوان أفندي “سكر يا ولد لحرام سكر ونا لا شاي لا سكر…”..

    جميل… أن تسمح للشبق أن يتألق بعيدا عن الخوف…

    جميل… ألا يهرب العاشق ويترك الحبيبة على كرسي في حديقة عمومية…

    جميل… يا رفيقي…

    لكن… والله جميل…

    لكن القضية غير كاملة….

    القضية غير كاملة…أو بدأت بالقصي وتركت القريب الغريب…

    ألا حررتنا من الفصام القانوني…؟

    فكل العالم يسكر في بلدنا إلا نحن…نسكر ونخاف…

    نعشق ونهار…

    إن سكرنا … ارتكبنا المحظور…

    جميع مسلمي العالم… يسكرون في بلدنا حتى أيام رمضان… إلا نحن…

    السكر جريمة…. للمغربي المسلم…

    هل بإمكانك أن تفعل شيئا وتشفينا من هذا الفصام القانوني…؟

    كل متاجر الخمور مفتوحة…

    وتتكاثر… فهي مصدر إغناء لميزانية الدولة…

    وعلى المغربي…. أن يشتري الخمر من متجر على الطريق… ويطلب من الله السلامة…

    فقد يزج به في السجن…. ويظل المتجر يبيع للمغاربة…

    قد تلج حانة مكتظة بالزبائن المغارية، وعلى جدار المشرب، رخصة غريبة، تمنع ما لا يمكن تحقيقه، وقد يتم القبض عليك على عتبة الحانة… وفي الداخل صخب مغربي بامتياز….

    ألسنا فصاميين هوياتيا حين نفتح الحانات والعلب الليلية طوال السنة، ونغلقها ثلاثة أيام قبل رمضان وقبل كل عيد ديني بأيام….؟

    أليس هذا منتهى الجنون….؟

    فليس هناك منطقة وسطى في القوانين… ولا وضعا يدبر بالبرقيات بدل النصوص القانونية…

    عدل أو أغلق…

    فحتى الذين أتوا بك من صف اليسار لحركة كل الديمقراطيين، راهنوا على قيمك اليسارية، كما راهنوا على من أتوا من صف الليبرالية لخلق تجربة سياسية متوازنة، لمواجهة اليأس، ونشر الأمل، واستعادة الثقة في السياسة، وتطوير العرض السياسي…

    للأسف من يلج السلطة أو المؤسسة الدستورية من بوابة اليسار… يقع في فتنة السلطة، ويصير مجرد ظل لماض لغوي لا أكثر…

    لن أخوض معك نقاشا على شاكلة المهداوي…

    فأنا لا أمتلك شجاعته، ولا صموده…

    ولن أخوض معك نقاشا حول شيطان بلا بطاقة وطنية.

    لأنه يكفينا كل الشياطين بيننا بطاقات هوية وجوازات…

    لن أعوذ بك إلى ملحمة “ولدي باه عندو لفلوس” ..

    تلك العبارة الجارحة التي أهنت بك القوات الشعبية، وكل طليعة مجتمعية…

    لن أقول لك إنك أسأت للوجدان الشعبي وأنت تلعن الدين، لأن وهبي رجل الدولة قد يخرج منه وهبي القديم…

    لن أحدثك عن القانون الجنائي…

    فأنا أفهم أن التبليغ عن جريمة ممكن..

    والمبلغ محمي بقوة القانون…

    ولا قوة تمنع التبليغ عن الفساد ..

    هناك عدة طرق للتبليغ…

    أو صناعة رأي عام…

    الإعلام تلك السلطة التي يتم ترويضها بسياط ناعمة…

    محاربة الفساد وحماية المال العام…

    له قنوات متعددة….

    فلا خوف على المجتمع المدني…

    لن يضل طريقه لفضح اللصوص والمرتشين…

    وأخيرا… أؤكد لك أن للشيطان بطاقة وطنية وجواز سفر وحصانة…

    سأكون سعيدا…

    لو طويت ملف المهداوي…

    فهو فقط جريح وطن…

    لم تندمل جراحه بعد…

    فالمهداوي… لم يبك كفاية حدادا على ثلاث سنوات ضاعت من عمره…

    وسأكون مممتنا لك…

    بأن تعيد لنا وهبي… الذي عرفناه في المعارضة..

    وهبي مشروع “حركة كل الديمقراطيين”..

    أعجبك المقال؟ شاركه على منصتك المفضلة..
    قد يعجبك ايضا
    اترك رد

    لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

    يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد