الملكية البرلمانية ومحاربة الاستبداد وحليفه الفساد


الجزء الأول: تحور الفساد والتسلط

مرحليا، يعد هدف تحقيق الملكية البرلمانية هدفا ثوريا. وهو الهدف/الشعار الذي يكتسي أهمية قصوى مستعجلة لوقف النزيف الشامل وإزالة الاستبداد والتسلط الذي هو طبيعة النظام السياسي المغربي، وتحرير البلاد من قبضة الفساد المنظم المستشري في دواليب الدولة والمجتمع على حد سواء، وفي كل شرايين المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والإدارية.

فالاستبداد والفساد وجهان لعملة واحدة، عملة التسلط والطغيان والقهر، مدعما بجبروت الترسانة الأمنية المتنوعة من جهة، وبواقع وقوة الترسانة القانونية والقضائية انطلاقا من الدستور الممنوح إلى مجمل القوانين المؤطرة للمجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والإعلام والموروث الثقافي والديني ومجال الحريات والحقوق من جهة ثانية.

أما الفساد فهو صورة حقيقية( (image réelle ونتيجة منطقية وحتمية للاستبداد والتسلط في كافة حقول السياسة والاقتصاد والإدارة.

الاستبداد والفساد، كلاهما، إذن، يغذي الآخر ويقويه ويحميه، وكلاهما سر وسبب وجود الآخر ولا يمكن الفصل بينهما.

فبلغة الفيزيائيين، الاستبداد والفساد، ” زوج كامل لمدارين متحولين “Couple complet des orbitales qui commutent كلاهما خزان للآخر وسلالته، وكلاهما يتحول ويتحور إلى الآخر في تناغم طبيعي.

- إشهار -

النضال من أجل قطع دابر الفساد غير ممكن دون النضال من أجل قطع دابر الاستبداد والعكس صحيح.

وعلى هذا الأساس، فالنضال من أجل تحقيق الملكية البرلمانية غير مجد دون خوض معركة مع الفساد في كل الحقول المتواجد بها.

وتأسيسا على هذا المنطق، فللتغيير الديمقراطي بالمغرب مدخلان: مدخل محاربة الاستبداد والتسلط عبر المطالبة بالملكية البرلمانية ومدخل محاربة حليفه وربيبه وصورته الحقيقية الملموسة، الفساد، لأن كليهما يسودان ويحكمان ويملكان.

وفي نفس الإطار، من غير المعقول رفع شعارات لتغيير المظاهر والنتائج دون الحديث عن الأسباب العميقة لها، بل يجب التوجه رأسا إلى عمق الإشكال، عمق المعضلة وأساسها ومنبعها، لأن المطالبة مثلا بـ “العدالة الاجتماعية” و بـ “دولة الحق والقانون” وبـ “المساواة ” ستبدو للرأي العام وللمناضلات والمناضلين كلاما للاستهلاك السياسوي و”تنشيط للحياة السياسية” ليس إلا.

ذلك أن شعار “دولة الحق والقانون”، في ظل هيمنة القوانين الرجعية، غير موضوعي وغير مقنع، والحديث عن المساواة والعدالة الاجتماعية في ظل سيادة الفساد والاستبداد والتسلط وفي ظل نظام طبقي فاسد وثقل الموروث الثقافي، مجرد ملهاة في صالونات نخبوية.

أعجبك المقال؟ شاركه على منصتك المفضلة..
قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد