مصير تطبيع المغرب مع إسرائيل؟
بعد عمليات التصعيد التي شهدتها ساحات الحرب في غزة، سارعت دول عربية، تربطها علاقات دبلوماسية جيدة مع إسرائيل إلى سحب سفرائها من تل أبيب مثل الأردن التي احتجت بشدة على استهداف المدنيين العزل في غزة.
مملكة البحرين أيضا، وهي إحدى الدول الموقعة على اتفاقيات أبراهام. أعلنت في مطلع نونبر الجاري عن مغادرة سفيرها لإسرائيل وسحب سفيرها من هناك، مع تعليق جميع العلاقات الاقتصادية مع اسرائيل.
ووسط هذه المتغيرات والتطورات والمواقف الجديدة تسلط الأضواء على الرباط وتطرح مجموعة من الأسئلة حول ما إذا كانت المملكة المغربية ستتخذ خطوات مماثلة أم لا.
منذ التوقيع على اتفاق تطبيع العلاقات بينهما في أواخر عام 2020 ، عمل المغرب وإسرائيل على تكثيف تعاونهما في ميادين الدفاع والاقتصاد والتكنولوجيات الحديثة والسياحة وغيرها. ونص هذا الاتفاق أيضا على اعتراف الولايات المتحدة بسيادة المملكة على الصحراء، والذي عززه اعتراف مماثل من جانب إسرائيل في يوليوز. لكن الحرب الدائرة في غزة، تلقي بظلالها على هذا التعاون، فمنذ اندلاعها علقت الرحلات الجوية المباشرة بين البلدين واختفى السياح كما المستثمرون الإسرائيليون من المغرب بحسب مراقبون.
بموازاة ذلك، كثرت التظاهرات المؤيدة للفلسطينيين في المدن المغربية المختلفة منذ بدء الحرب التي تدعو دائما إلى قطع العلاقات مع إسرائيل، بينما كانت الدعوات للتظاهر ضد التطبيع تلاقي إقبالا محدودا قبل الحرب.
أما على المستوى الرسمي تصاعدت نبرة الدبلوماسية المغربية منذ 7 أكتوبر، فقد أعربت يومها عن “قلقها العميق” مُدينة استهداف المدنيين من أي جهة كانت.
وفي 11 نونبر، أدان المغرب خلال القمة العربية الإسلامية بالرياض، “تمادي إسرائيل في عدوانها السافر على المدنيين العزل”، من دون إدانة هجوم حماس نفسه.
العلاقة مربحة للطرفين
ورأى محللون أن “المغرب اليوم في وضع حساس للغاية” بين “رغبة عميقة في الحفاظ على علاقة مربحة للطرفين” من جهة، و”ضغوط الشارع” من جهة أخرى. ورأوا أن تكرار سيناريو “قطع علاقات البلدين في عام 2000، على خلفية الانتفاضة الفلسطينية الثانية” اليوم غير مرجح، ويتوقعون أن يتم الحفاظ على العلاقات لكن مع خفض وتيرة اللقاءات والزيارات.
وفي هذا السياق بات من المستبعد أن يزور رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو المغرب قبل نهاية العام، كما كان متوقعا قبل اندلاع الحرب.
المغرب ينظر إلى الاعتراف بسيادته على الصحراء المغربية
من جهة أخرى يرى مهتمون بالشأن المغربي الإسرائيلي أن العلاقات العسكرية والأمنية والاقتصادية التي أقيمت منذ عام 2020 قوية لدرجة لا يمكن قطعها، ولو تراجع تأييدها الشعبي، علما أن استطلاعا للبارومتر العربي أظهر عام 2022 أن 31 % فقط من المستجوبين يؤيدون التطبيع في المغرب.
وتناول كتاب ” المغرب إسرائيل واليهود المغاربة” مسألة قطع العلاقات بين البلدين مشيرا إلى أن ذلك من شأنه أن يؤدي أيضا إلى “اضطراب دبلوماسي” خصوصا مع الولايات المتحدة، على اعتبار أن تأييدها لسيادة الرباط على الصحراء “مقابل عظيم” بالنسبة للمغرب.
ويدعو الكتاب إلى تحويل الموقف الحساس للرباط إلى “مصدر قوة لكي تلعب دورا أكثر ديناميكية” في جهود الوساطة، بالمراهنة على علاقاتها مع إسرائيل والدول العربية وأيضا الجالية اليهودية الكبيرة في المغرب.
المصدر: مونت كارلو الدولية