400 محام يرفعون دعوى ضد إسرائيل


قال المحامي الفرنسي وخبير القانون الدولي جيل دوفير إن التعريف الدقيق للإبادة الجماعية تحقق تماما في العدوان العسكري الذي تشنه إسرائيل على قطاع غزة، سواء تعلق الأمر بالحصار وانعدام الغذاء ومنع الوقود، أو كان متعلقا بالإبادة عن طريق القصف والتهجير.

    يمكنكم الاشتراك في نشرتنا البريدية للتوصل بملخصات يومية حول المقالات المنشورة على الموقع

    الاشتراك في النشرة البريدية

    وفي حوار اعلامي، أشار المحامي الفرنسي إلى أنه يقود مبادرة تضم 300 إلى 400 محام من جميع أنحاء العالم من أجل رفع دعوى قضائية أمام المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي تطالب بفتح تحقيق في الوقائع المنسوبة لجيش الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر الماضي.

    وأوضح دوفير (وهو محام معتمد لدى الجنائية الدولية) أن هذه المبادرة تأتي من المجتمع المدني، و”بعد أن رأينا ما يحدث، فإننا نفهم أن الأمر لا يتعلق فقط بالعدوان العسكري، إنها ليست مجرد جرائم حرب أو جرائم ضد الإنسانية، بل هي إبادة جماعية واقعية بلا خيار نظري أو فلسفي. ونحن نرى أن التعريف الدقيق للإبادة الجماعية متحقق في الاتفاقية الدولية وفي السوابق القضائية والمرجعية كما في حالتي سربرنيتسا والروهينغا”.

    وأضاف أن الوضع المتعلق بفلسطين تتوافر فيه جميع معايير السوابق القضائية المتعلقة بالإبادة الجماعية، ومن ذلك النوع الأول منها الذي يتعلق بإبادة السكان. وهو مثال لإبادة اليهود في عهد هتلر، لكنها في فلسطين من نوع آخر، فهي إبادة متعلقة بتدمير مجموعة اجتماعية.

    وعن حيثيات رفع الدعوى، قال دوفير إن المرجعيات متوفرة كما حدث في المحاكم الدولية ليوغوسلافيا السابقة، والمحكمة الدولية لرواندا ومحكمة العدل الدولية، مؤكدا أنها ليست مجرد رأيه الشخصي، ولكنها “حقيقة القانون، إن القاضي يقول إن المعتدي قطَع الكهرباء، ومنَع بعد ذلك الطعام وجوّع الناس، وهاجم بيوت المدنيين والمدنيين أنفسهم، وهناك أيضا تهجير السكان”.

    وتابع أن “كل هذه الأفعال تشير إلى نية خالصة لتدمير المجموعة العرقية، وبتجرد من الإنسانية، ومع كلام لا إنسانية فيه، يقول الاحتلال عن الفلسطينيين إنهم حيوانات وليسوا بشرا”.

    خطة العمل

    وعن خطة العمل التي تتبعها المبادرة، يشرح المحامي الفرنسي أنه بعد أن “تحققت معايير الإبادة الجماعية عن طريق إبادة القوميات، فقد تحقق لدينا المفهوم القانوني لعملنا، ومن ثم نبدأ كتابة الشكوى ونرسلها إلى بعض المتعاونين معنا ولدينا اتصالاتنا، ثم نستغل تأثيرات وسائل التواصل الاجتماعي وجهود الناشطين. ولدينا الكثير والكثير من النتائج المرضية”.

    وأضاف أن الجميع حول العالم مهتم بهذه القضية، “لأننا لا نستطيع أن نقبل أن نرى أمام أعيننا كل يوم قتل الشعب الفلسطيني، وتدمير المجتمع ولا شيء يمكن القيام به، لذلك علينا أن نذهب إلى العدالة”.

    ويلخص قائد المبادرة الخطوات العملية لتحركهم بأن الفعل الأول كان الشهادة، “فنحن لسنا من الضحايا، ولكننا نراهم، وهذا يدفعنا إلى التوجه إلى القضاء، والآن نبدأ الفعل الثاني، وهو العمل من أجل الضحايا، ونتلقى توكيلات من الفلسطينيين في غزة، وهذا هو الوضع القانوني الذي يعد إبادة جماعية”.

    والحديث إلى المدعي العام للمحكمة الجنائية “ليس مبالغة، لأن ضحايا غزة هم الذين يتحدثون إلى المدعي العام. لذلك، بدأنا بالحديث عن المستشفيات، ولدينا أيضًا أوضاع العائلات”. ويجب أن نقول “إن كل حالة في غزة ستكون لديها شكوى دقيقة وواضحة أمام المدعي العام”.

    لا يمكن حجب الحقيقة

    وفي رسالة قوية للمجتمع الدولي، خاطب المحامي بلده فرنسا وكل بلد في العالم والزعماء السياسيين قائلا: “لا يمكنكم قول إنه لم يحدث شيء في فلسطين، لأننا -بصفتنا محامين مهنيين- نوضح لكم أن هذه حالة إبادة جماعية، ومن ثم فهذه مسؤوليتكم لأنها جريمة مكتملة الأركان، عندما تكون لدينا هجمات على المستشفيات، وهجمات على سيارات الإسعاف، وهجمات على المدنيين، وهجمات على الأطفال، والهدف تدمير المجتمع الفلسطيني، فعليكم أن تبتعدوا وألا تدعموا نتنياهو”.

    واستدرك على ذلك بأن حق الحكومة أيضًا أن تقول “عليك أن تختار معسكرك: إما معسكر الإبادة الجماعية، أو العمل القانوني. لكن لا يمكنك أن تدلي كل يوم بخطاب منمق عن القانون الدولي وحقوق الإنسان وترضى بألا تقوم بأي شيء، بل تدعم الهجوم الإسرائيلي”.

    - إشهار -

    دعايات غير صحيحة

    وبالنسبة لتقييمه لفعالية العدالة الجنائية الدولية، قال دوفير إنها “فعالة للغاية، ونحن معتادون سماع الدعاية التي تقول إنه لا يمكن فعل أي شيء من خلال الولاية القضائية الدولية نتيجة الخوف من إجراءات المحكمة، لذلك من الجيد جدًا أن نشرح ذلك للفلسطينيين، وضرورة الذهاب إلى المحكمة الدولية، لأن لها سلطة قضائية قوية”، هذا أولاً.

    وثانيا، بخصوص ما يُتداول من أن “المحكمة لا تستطيع أن تفعل شيئا لإسرائيل، لأنها لم تصادق على القانون الأساسي الخاص بالمحكمة الجنائية الدولية”، أوضح المحامي الفرنسي أن “هذه أيضًا دعاية غير صحيحة”، لأن المحكمة في قرار مهم صدر في فبراير قالت إن فلسطين دولة، ودولة ذات اختصاص سيادي على الضفة الغربية وغزة والقدس الشرقية، وإن تفويض الاختصاص للمحكمة صحيح. لذلك عندما تكون هناك جريمة على الأرض الفلسطينية، يكون هناك اختصاص للمحكمة، أيا كان الطرف الآخر، سواء أكان إسرائيل أم دولة أخرى، لافتا إلى أن “هذا ليس هو الموضوع، المهم هو عنصر الجريمة على أرض الواقع”.

    وبالنسبة إلى الإبادة الجماعية، بيّن المحامي الفرنسي أن الأدلة بسيطة للغاية، “لأن إسرائيل قالت سأقطع الكهرباء ثم قطعتها، وقالت سأحرم الناس من الطعام، وبالفعل حاصرتهم، وقالت عليكم مغادرة منازلكم لأنه يوجد قصف، وبالفعل تمت مغادرتهم”، وأضاف أن إسرائيل قالت “سنهاجم المستشفيات، لأنها مكان للإرهابيين وهاجمتها، لذلك ليست هناك صعوبة في إثبات البراهين”.

    وأضاف دوفير “إذن، لدينا نصوص قانونية واختصاصات قضائية، ولدينا توكيلات جيدة، والدليل مؤكد للغاية”.

    والنقطة الأخيرة -وفق دوفير- هي أن “نشرح للمدعي العام ما نشهده حاليا في فلسطين، بوصف ذلك أكبر جريمة تحدث منذ سنوات، إنها ليست مجرد جرائم حرب، وقد اعتدنا رؤية جرائم حرب، وإذا لم تفعل المحكمة الجنائية الدولية شيئًا حيال هذه الجريمة، فستكون هذه نهاية المحكمة”.

    إسرائيل والمحكمة الجنائية

    ويلخص المحامي الفرنسي الهدف من الدعوى بأن “حقيقة قيامنا بالتحرك أمام المحكمة الجنائية الدولية يشكل هجوما قويا على إسرائيل، لأنها نددت بالمحكمة، فمن يكون -إذن- الإرهابي ومن القانوني؟ هذه هي النقطة الأولى وهي ضرورية لأن جميع الجماعات الفلسطينية والفصائل المسلحة في فلسطين تقبل اختصاص المحكمة الجنائية الدولية، بينما ترفض إسرائيل اختصاص هذه المحكمة”.

    وأضاف “نريد أن نوضح ذلك كله إلى العالم ليظهر أن إسرائيل ليست دولة ديمقراطية، وأنها ليست دولة قانون، لأنها ترفض القوانين الدولية، وهذا ما يفسر عمل المقاومة المسلحة في فلسطين”.

    وأشار دوفير أيضا إلى أن فلسطين دولة، ولها ولاية قضائية على القدس، ومن لا يقبل قواعد اللعبة القانونية فلن يتمكن من اللعب. ومن ثم، فبالنسبة للرأي العالم وبالنسبة للفلسطينيين فإن “هناك ضعفا قانونيا، ولا يعرفون بالضبط أين هم. لذا، فإن مهمتنا هي إثبات أن هناك قضية قانونية، وهناك تطبيق قانوني. والأمر ليس مجرد نقاش، فهناك معيار قانوني، ويمكننا عرض هذا المعيار لإسرائيل والدول الغربية”.

    وخلص المحامي الفرنسي إلى أنه “إذا تطورت القضية -ولا يجوز للمحكمة أن تصدر حكما بالامتناع عن التصويت- وعندما تعتقد المحكمة أن لديها ما يكفي من الأدلة، فإنها تصدر مذكرة اعتقال، وليس هذا مستحيلا، لأن الجميع كان يقول باستحالة ذلك في حق فلاديمير بوتين”.

    المصدر : الجزيرة

    أعجبك المقال؟ شاركه على منصتك المفضلة..
    قد يعجبك ايضا
    اترك رد

    لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

    يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد