إضرابات التعليم ورهانات السلطة بالمغرب


إن الوضع الحالي الذي تعيشه الساحة التعليمية، لا يمكن فهمه إلا من خلال فهم القاعدة الاستراتيجة التالية : إن مشروع الإصلاح قد يكون سيئا بالنسبة لمن هم موضوع له ، ولكنه جيدا بالنسبة لمن صمموه وأخرجوه إلى حيز الوجود ، وتنزيلا لهذه القاعدة يمكن القول إن النظام الأساسي الخاص بموظفي قطاع التربية الوطنية سيئا بالنسبة لرجال ونساء التعليم ، لكنه جيدا بالنسبة لمن يملكون سلطة القرار، لأنه يسهم في تحقيق رهانات النموذج النيوليبرالي الذي فرض على المغرب من قبل الدول الغربية ومؤسساتها المالية العالمية – صندوق النقد الدولي ، البنك الدولي -.

    يمكنكم الاشتراك في نشرتنا البريدية للتوصل بملخصات يومية حول المقالات المنشورة على الموقع

    الاشتراك في النشرة البريدية

    رهان الخصخصة :

    إن الإضراب عن العمل الذي انخرط فيه رجال ونساء التعليم بسبب النظام الأساسي الذي تم تنزيله في بداية الدخول المدرسي وليس في عطلة نهاية السنة – النظام الأساسي كان موجودا وموضوعا على طاولة من يقرر قبل حلول الزمن المناسب لإصداره – يؤكد بما لا يدع مجالا للشك أن الهدف منه هو التهجير القصري لتلاميذ وتلميذات التعليم العمومي نحو التعليم الخصوصي ، وهذا ما تحقق بالفعل ، حيث تشير المعطيات الأولية إلى انتقال أزيد من 80 ألف تلميذ وتلميذة إلى التعليم الخصوصي خلال هذه المدة الزمنية القصيرة .

    إن السلطة الحاكمة كانت قد وضعت هدفا في مجال التربية والتعليم، وهو بلوغ التعليم الخصوصي نسبة 20 في المئة من مجموع التلاميذ والتلميذات بقطاع التعليم الوطني في سنة 2015 ،وهو ما لم يتحقق بشكل كامل ، حيث بلغت النسبة 16 في المئة فقط ، واليوم حوالي 18 في المئة ، وعدم تحقق الهدف المراد تحقيقه هو ما يفسر عدم استجابة الحكومة لمطالب رجال ونساء التعليم العادلة والمشروعة ، وقيامها بمجموعة من الإجراءات النيوليبرالية تنزيلا لتوصيات المؤسسات المالية العاليمة – التعاقد – التي تزيد من احتقان الوضع التعليمي وتخلق عدم استقرار الوضع في المدرسة العمومية بما ينعكس إيجابا على التعليم الخصوصي في في أفق بلوغ التعليم الخصوصي نسبة 34 في المئة سنة 2035 التي حددت كهدف وجب تحقيقه .

    - إشهار -

    رهان إضعاف النقابات :

    إن النقابات تاريخيا كانت عدوة الليبراليين الجدد ،لأنها الأداة التي من خلالها تتم مقاومة جميع المخططات النيوليبرالية المناهضة لحقوق الطبقة العاملة وعموم الجماهير الشعبية ، ولهذا ابتدع هؤلاء المتحكمون في وسائل الإنتاج وإعادة الإنتاج آليات لإضعاف النقابات ، ومن ضمنها الإشراك في لعبة الانتخابات والحوار الاجتماعي الذي يهدف من خلاله إدخال النقابات إلى الملعب لتلعب لعبة نتائجها ليست في صالح من تدافع عنهم ، وذلك لضرب مصداقيتها وتعميق فقدان الثقة فيها بهدف إضعافها حتى تصبح تنظيما إداريا وظيفته الوساطة ، وينحصر دوره في ماهو شكلي فقط ، بعيدا عن رسالتها التاريخية .

    إن الحوار القطاعي بين النقابات التعليمية وممثلين عن وزارة التربية الوطنية كان بمثابة مسرحية حدد أدوار أطرافها وخاتمتها من يملك سلطة القرار ، وكان الهدف الأساسي من الحوار القطاعي ليس إخراج نظام أساسي متوافق عليه بين الوزارة والنقابات بما يستجيب لتطلعات رجال ونساء التعليم بل منتوج مصنوع قبلا يزيد من تعميق فقدان الثقة في النقابات التعليمية من قبل رجال ونساء التعليم ، بما يسهم في تمرد القواعد المناضلة عن العمل النقابي وهجرانه نهائيا ، وما يؤكد هذا هو إصرار كل من وزير التربية الوطنية والناطق الرسمي باسم الحكومة ووزير العدل على ترديد أسطوانة مشاركة النقابات التعليمية في إعداد هذا النظام الأساسي المرفوض بشكل مطلق من رجال ونساء التعليم ، وتأكيد رئيس الحكومة عن رفض النقابات التعليمية زيادة 2500 درهم ، وكل هذا لرسم صورة قاتمة عن النقابات حتى تتحول إلى عدو يجب محاربته من قبل رجال ونساء التعليم ، ومن ثمة تحقق الهدف وهو وأد النقابات التعليمية التي كانت ترهب المخزن والليبراليين الجدد.

    أعجبك المقال؟ شاركه على منصتك المفضلة..
    قد يعجبك ايضا
    اترك رد

    لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

    يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد