هل تنحصر “موجة التطبيع” بسبب الحرب على غزة
أكد “معهد واشنطن” أن الحرب الدائرة بين الاحتلال الإسرائيلي وحركة حماس، ستؤدي إلى زيادة صعوبة الحفاظ على التقدم الدبلوماسي الذي أحرزته الولايات المتحدة و”إسرائيل” في السنوات الأخيرة، مع حكومات شمال أفريقيا، ولا سيما مع المغرب، في ظل اشتداد المعارضة الشعبية.
وأشار المعهد في تحليل موجز لـ”سابينا هينبرغ”، الباحثة في القضايا المتعلقة بالتحولات السياسية في شمال أفريقيا، إلى أن “المغرب هو البلد الأشدّ تأثراً، نظراً إلى علاقاته القوية نسبياً مع ’إسرائيل’ والولايات المتحدة، في حين أن الاتجاهات المناهِضة للتطبيع تتعزز بقوة في دول أخرى من المنطقة، ما يخلق تحديات جديدة لواشنطن”.
وأقام المغرب و”إسرائيل” علاقات دبلوماسية رسمية، بعد قطيعة دامت لسنوات، في دجنبر 2020 بعد اتفاقات التطبيع التي توسطت فيها الولايات المتحدة بين “إسرائيل” من جهة والبحرين والإمارات العربية المتحدة من جهة أخرى.
وفي المقابل، فقد اعترفت الولايات المتحدة بسيادة الرباط على منطقة الصحراء المغربية، ومنذ ذلك الحين، تعمقت العلاقات المغربية مع “إسرائيل” بسرعة، لاسيما في المجال الأمني، وكذلك في المجالات الاقتصادية والدبلوماسية والثقافية.
ولفت المعهد إلى “احتشاد آلاف المغاربة في الرباط للمطالبة بإلغاء اتفاق التطبيع، وقد أشادت بعض الجهات الفاعلة، وأبرزها حزب العدالة والتنمية الإسلامي، بهجوم “حماس”، ووصفته بأنه عمل بطولي ورد فعل طبيعي ومشروع على الانتهاكات اليومية”.
واستدرك التحليل بأنه “حتى قبل الحرب، فقد أشارت استطلاعات الرأي إلى أن ثلث المغاربة فقط يؤيدون تطبيع العلاقات مع إسرائيل”.
ورأى أن “التعاون الاستراتيجي الملحوظ بين ’إسرائيل’ والمغرب القائم منذ عام 2020 قد يقع ضحية النتائج السلبية المترتبة عن أحداث غزة”.
وشدد على أن “البلدين واظبا على تعزيز شراكتهما الأمنية، بما في ذلك من خلال بيع الطائرات بدون طيار، والدبابات، وبرامج التجسس التي هي الأكثر إثارة للجدل، ومن المرجح أن تتباطأ عمليات نقل هذه الأسلحة بما أن قدرة الإمداد العسكرية الإسرائيلية تتعرض للضغط بسبب الحرب”.
وفي تونس، اتهم الرئيس قيس سعيّد “إسرائيل” بارتكاب “جرائم إبادة جماعية” خلال اجتماع طارئ عقده مجلس الأمن القومي في 18 أكتوبر، أي غداة انفجار المستشفى المعمداني، كما أنها كانت ردود الفعل الشعبية قوية أيضاً، بحسب تحليل معهد واشنطن.
وفي ليبيا، اعتمدت الحكومتان المتنافستان هناك موقفاً موحداً في انتقاد “إسرائيل” من دون إدانة حركة حماس. وكانت المشاعر الشعبية المحلية ضد الاحتلال متأججة في الأساس، ففي غشت الماضي، أثار اجتماع فاشل بين وزيري الخارجية الإسرائيلي والليبي بعض الاحتجاجات.
وفي موريتانيا، كانت ردود الفعل مشابهة، فقد وصفت الحكومة الهجمات بأنها “نتيجة منطقية للاستفزازات المستمرة والانتهاكات المنتظمة لحقوق الشعب الفلسطيني”، واندلعت المظاهرات المؤيدة للفلسطينيين في نواكشوط.
ورأى المعهد أن “من المثير للاهتمام أن موريتانيا قامت سابقاً بتطبيع العلاقات مع ’إسرائيل’ تحت رعاية الولايات المتحدة وإسبانيا منذ 34 عاماً، لكن في عام 2008، أعلنت الحكومة قطع العلاقات مجدداً”، ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى ما أسماه الاحتلال بـ”عملية الرصاص المصبوب” على غزة والمعارضة الشعبية المتزايدة.
وأكدت الباحثة أن الموجة الحالية من الغضب الشعبي تجاه “إسرائيل”، تطرح تحديات جديدة أمام إدارة الشراكات الأمريكية مع دول شمال أفريقيا.
وألمح إلى أن تصاعد المشاعر المعادية لـ”إسرائيل” سيجعل من الصعب على واشنطن العمل في تونس، حيث سبق أن أدت تصرفات الرئيس سعيّد غير الديمقراطية إلى تخفيض المساعدات الثنائية الأمريكية..
حتى إن سعيّد رفض التمويل من “الاتحاد الأوروبي” كجزءٍ من حملته المناهِضة للغرب، ما يشير إلى مدى صعوبة استعادة الشراكة التي كانت قوية في السابق.
المصدر: عربي 21