رقمنة الزراعة لمواجهة التغيرات المناخية
يسارع المغرب الخطى لتنزيل مشاريع رقمنة الفلاحة، لمواجهة تداعيات الجفاف والتغيرات المناخية التي تضرب البلاد مؤخرا.
وتقول وزارة الزراعة، إن ورش رقمنة الفلاحة، “يهدف إلى ربط 2 مليون فلاح بالخدمات الإلكترونية في أفق 2030، في إطار استراتيجية الجيل الأخضر”.
ورقمنة الفلاحة تعني استخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات وبيانات الأنظمة البيئية، لدعم تقديم المعلومات والخدمات للمزارعين، لرفع المردودية الزراعية وبأقل كلفة.
ضرورة ملحة
وقال الخبير في تكنولوجيات الفلاحة، عزيز أبو عبد الله، إن هناك “تحديات اقتصادية تواجه القطاع الفلاحي، تفرض تغيير أدوات العمل، للرفع من مردودية الإنتاج، في ظل تزايد المنافسة”.
وأضاف أبو عبد الله، وهو أستاذ بالمدرسة الوطنية للفلاحة في مكناس: “تواجهنا تحديات، منها التغيرات المناخية، بما يدفعنا إلى العمل لنحافظ على الموارد الثمينة التي نملكها، منها الماء والتربة أساسا”.
وزاد: “الرقمنة في القطاع الزراعي، أصبحت ضرورية لمواجهة التغيرات المناخية، وسنوات الجفاف المتتالية التي يعرفها البلد”.
وتابع: “الرقمنة تعني استعمال التكنولوجيات الحديثة لتحديد أوقات الجني والكمية المتوقعة من المحصول، وهناك تطبيقات كثيرة على الإنترنت، تساعد في هذا المجال”.
وأردف أبو عبد الله: “توجد حلول مبتكرة تقترحها التكنولوجيا، ومنها التطبيقات الخاصة ببرامج السقي اليومية، والتي تساعد المزارع على تحديد احتياجات بقعته الفلاحية بشكل دقيق، بعد تحديد نوع الزراعة وتاريخ البذر ونوع التربة”.
تنزيل المشاريع
في 5 أبريل الماضي، قال وزير الفلاحة محمد صديقي، إن “رقمنة الفلاحة من المشاريع الأفقية لاستراتيجية الجيل الأخضر، التي تهدف إلى جعل الفلاحة أكثر مرونة وتنافسية”.
وتلتزم الحكومة المغربية، بخلق طبقة وسطى في العالم القروي، من خلال استراتيجية “الجيل الأخضر”، وتطمح إلى إدخال ما بين 350 ألف و400 ألف أسرة فلاحية إلى الطبقة الوسطى.
وأضاف صديقي: “لدينا عدة أوراش مفتوحة لتحقيق الابتكار والجاذبية لمهنيي القطاع الفلاحي، وأيضا للشباب والأجيال الناشئة من الفلاحين”.
وزاد: “أحدثنا قطبا للرقمنة في معهد الحسن الثاني للزراعة والبيطرة، وبدأنا تنزيل عدة مشاريع، منها تلك التي تتعلق بتقنيات تدبير السقي، وأيضا تقنيات سلاسل الإنتاج”.
مزارع بيداغوجية
ورأت النور في المغرب العام الماضي، مزرعة رقمية، هي الأولى من نوعها، عبارة عن فضاء مفتوح يستقطب الفلاحين الراغبين في الاعتماد على التكنولوجيا في فلاحتهم.
وقال أمين زروق، مدير مؤسس “فيرما تيك” الخاصة التي تدير المزرعة البيداغوجية: “نتطلع إلى أن تقوم المزرعة البيداغوجية بتحفيز الفلاحين لتطوير الرقمنة في الزراعة، بما يساعد على تجاوز صعوبات التغيرات المناخية، ويرفع المردودية”.
وزاد زروق: “نسعى إلى المساعدة في ملائمة الأنماط الزراعية الجديدة مع التكنولوجيات الحديثة، عبر عدة خدمات، منها المزرعة النموذجية وحاضنة مبتكرة لتسريع ومواكبة الشركات الناشئة”.
وتابع: “رقمنة الفلاحة هو استثمار مهم للغاية، يساعد في رفع مردودية الإنتاج، وتحقيق ربح أكبر، ويفتح فضاءات جديدة لتسويق منتوجات الفلاحين”.
وتضم المزرعة البيداغوجية، شباك خدمات للفلاحين، يشمل تقديم المساعدة في استخدام منصات الخدمات الزراعية الرقمية، والإيداع الإلكتروني لملفات الدعم الحكومي، والاطلاع على خريطة خصوبة التربة، والتوصل بأسعار سوق الجملة، والتعرف على أحوال الطقس.
اتفاقيات للتسريع
وفي 3 ماي الجاري، وقع القطب الرقمي للفلاحة والغابات ومرصد الجفاف، اتفاقيتين في مجال الفلاحة الرقمية مع الفيدرالية البيمهنية المغربية للسكر و”SOWIT Maroc”.
وتهدف الاتفاقية الأولى، إلى تنمية التعاون بين الطرفين من أجل إحداث وتنفيذ نموذج للخدمات الإلكترونية 4.0 لقطاع السكر.
أما الاتفاقية الثانية، فتسعى إلى تطوير الشراكة حول استخدام التقنيات الرقمية في الفلاحة الدقيقة.
والقطب الرقمي أحدثته وزارة الفلاحة المغربية، في 12 شتنبر الماضي، وهو مجموعة ذات نفع عام، تضم 12 متدخلا يمثلون القطاع العام والخاص.
ورصدت الوزارة للقطب الرقمي نحو 7 ملايين درهما، وتتمثل مهمته في خلق فرص التنمية لكل فرد وكل حلقة من سلاسل القيمة الفلاحية بالاعتماد على الرقمنة.
الوزير صديقي، أشرف في 13 يناير الماضي، على توقيع ست اتفاقيات شراكة، بين القطب الرقمي للفلاحة والغابات ومرصد الجفاف وعدد من المؤسسات والشركاء الاستراتيجيين.
وكانت دراسة لشركة الاستشارات الإستراتيجية وأبحاث السوق (Blue weave consulting)، كشفت أن “قيمة السوق العالمية للزراعة الرقمية بلغت 4770.8 مليون دولار أمريكي عام 2020، ومن المتوقع أن تبلغ 10702.3 مليون دولار أمريكي بحلول عام 2027″.
ويقول المنتدى الاقتصادي العالمي، إنه “إذا استخدمت 15-20% فقط من المزارع الموجودة في العالم تقنيات الزراعة الرقمية، فإن نسبة إنتاج الغذاء في العالم ستزيد بنحو 10-15%، وستقلّ الانبعاثات الغازية الملوثة للبيئة 10%، وسيتم توفير 20% من كمية المياه المستخدمة في العمليات الزراعية”.