الطب وأخلاق الواجب
عندما نرى ما يفعله بعض الأشخاص بالمغرب، وهم يظهرون فعلهم للخير لمآرب شخصية انتهازية، يتبادر إلى ذهننا الفيلسوف كانط الذي أسس لأخلاق الواجب العقلانية العظيمة وهو يجرد فعل الخير من كل الشوائب المصلحية و الشخصية و الانتهازية. الخير بالنسبة لكانط يتم فعله، لأنه واجب و فقط؛ و ليس من أجل اكتساب مال أو حظوة اجتماعية أو سلطة أو حتى ما ينجم عنه من إحساس بالفرح أو بالفخر.
فلسفة كانط الأخلاقية هاته، تجد أسسها في اعتباره للإنسان كغاية و ليس كأداة؛ بما معناه أن فعل الخير باستغلال ضعف الآخر أو عدم حيلته؛ هو شر محض وهو استغلال الآخر كأداة و مطية من أجل مصالح شخصية و يضرب في كينونة ذاك الشخص كغاية.
هناك من يقول أن فلسفة الأخلاق هذه مثالية و شكلية و لا يمكن أن تنطبق على مستوى السلوكات الإنسانية الواقعية التي تطبعها المنفعة و المصلحة عموما؛ صحيح؛ و لكن على الأقل؛ عندما يتم التشبع بأخلاق الواجب لكانط سيجعل الإنسان يقلص من فردانيته الانتهازية و ذلك من أجل الصالح العام و الذي سينعكس إيجابا على تطور المجتمع ككل.
عندما تقرأ فلسفة الأخلاق عند كانط و ترى جشع أغلب شركات الأدوية و سلوكات بعض الأطباء الذين ينهشون لحوم البسطاء بدون رحمة و لا شفقة ثم يستغلون واجب العمل ( التطبيب و العلاج ) من أجل مآربهم الشخصية تتساءل : من أين جاء هؤلاء الناس؟ ما التربة المجتمعية التي أنجبتهم ؟ هل درس هؤلاء الأطباء و أرباب شركات الأدوية فلسفة كانط في برامجهم التكوينية أم فقط يكتفون بدراسة الجسد الإنساني تقنيا بعيدا عن شمولية الفعل الطبي مجتمعيا ؟ حيث أن المجتمع دون طبيب متخلق له تكوين عميق بحقوق الإنسان؛ مجتمع مريض، و المجتمع المريض لن يفكر؛ لن يبدع؛ لن ينتج.
خالد بوخش
إن الآراء الواردة في هذه المقالة، لا تـُعبّر بالضرورة عن رأي موقع "بديل"، وإنما عن رأي صاحبها حصرا.