المغرب وتحقيق العدالة المجالية


كشفت دراسة حديثة، أن العديد من الجهات لا تزال بعيدة عن اللحاق بالإيقاع التنموي للجهات القيادية بسبب استمرار وطأة الهاجس المركزي في توزيع الاستثمارات، وما لذلك من تأثير في “توريث” التفاوت ونقله من جيل إلى جيل.

    يمكنكم الاشتراك في نشرتنا البريدية للتوصل بملخصات يومية حول المقالات المنشورة على الموقع

    الاشتراك في النشرة البريدية

    وقالت الدراسة التي أعدها المعهد المغربي لتحليل السياسات، تحت عنوان “تحقيق العدالة المجالية في حاجة إلى نفس جديد”، إن ثلاث جهات فقط وهي الدار البيضاء سطات وجهة الرباط سلا والقنيطرة وجهة مراكش آسفي، سجلت تراكما من الاستثمارات بلغ 61 في المائة من الاستثمار الوطني، في حين تكتفي باقي الجهات التسع الأخرى بنسبة 39 في المائة.

    وخلصت الدراسة ذاتها، إلى أن التوزيع اللامتكافئ للموارد والبرامج والاستثمارات العمومية أفضى إلى اتساع الهوة التنموية بين المجالات الترابية، وهو ما كرس “تمييزا سلبيا” بين جهات ومناطق تسجل مؤشرات اقتصادية واجتماعية تفوق المعدل الوطني، وأخرى ظلت ضمن دائرة “المغرب غير الضروري”.

    وأكدت أنه بالرغم من تعدد البرامج المخصصة لعبور “الفجوات المجالية” فإنها ما فتئت تتسع أمام تفاقم وضعيات متقدمة من التفاوتات الصارخة بين العواصم الجهوية والمدن الصغرى، فضلا عن اتساع الشرخ بين العالم الحضري الذي يستحوذ على القسط الأوفر من مشاريع الاستثمار والتأهيل، وبين العالم القروي الذي لا تزال العديد من نطاقاته تعاني أوجها متعددة من الخصاص الاقتصادي والاجتماعي.

    ودعا التقرير ذاته، إلى إعادة النظر في النموذج الاقتصادي للجهات في اتجاه تدعيم تنافسيتها وتقوية قدرتها على جذب الاستثمارات الخاصة الوطنية والدولية، والتأسيس لنماذج تنموية ترابية تلائم الخصوصيات المجالية في شتى مستوياتها الاقتصادية والاجتماعية والبيئية والثقافي.

    وعلى صعيد آخر، سجلت الدراسة، أن التباين في توطين المرافق يورث اختلالات عميقة في توزيع الموارد البشرية بين المجالات الترابية، إذ يتسم التوزيع الحالي لموظفي الدولة المدنيين حسب الجهات بتفاوتات كبيرة، باستحواذ خمس جهات على حوالي 68 في المائة، فيما لا تتوفر الجهات السبع الأخرى سوى على حوالي 32 في المائة من مجموع الموظفين المدنيين.

    - إشهار -

    ويطرح التفاوت في انتشار الكفاءات والأطر العليا بحسب الدراسة، تأثيرات عميقة على التمتع بالحقوق والخدمات، فعلى سبيل المثال بالرغم من التقدم الملحوظ في إرساء البنيات التحتية الصحية بالعالم القروي فإنها تظل تفتقد للفعالية المطلوبة، بسبب غياب أو قلة الأطر الطبية والتمريضية في العديد من الوحدات الصحية، الأمر الذي يفرض اعتماد تدابير تحفيزية لتشجيع الأطر الصحية على الاستقرار بالمناطق النائية مع التسريع باعتماد أنماط التكوين والتوظيف على المستوى الجهوي.

    فضلا عن التداعيات المباشرة للتفاوت على آليات التدبير الترابي وقيادة برامج التنمية، لأن مركزة الأطر في الإدارات المركزية والمدن الكبرى يجعل باقي المناطق مفتقدة للموارد البشرية المطلوبة لتركيب وتنفيذ مشاريع التنمية الترابية، كما يؤثر سلبا على تطبيق البرامج الكبرى الرامية إلى تقليص الفوارق المجالية والاجتماعية تقول الدراسة.

    وشدد المصدر ذاته، على أن التقلص النسبي للتفاوتات الاجتماعية لا يمكن أن يحجُب الكُلفة الاجتماعية لاستمرار وضعيات اللاتوازن الديموغرافي والاقتصادي التي ترخي بظلالها على درجة التمتع بالحقوق الاجتماعية بالمجالات الهشة.

    كما أن اختلال التوطين المجالي للاستثمارات يُورث أيضا بحسب الدراسة، تفاوتات صارخة في الولوج إلى الشغل، إذ تضم خمس جهات 72.6 في المائة من مجموع السكان النشيطين البالغين 15 سنة فما فوق على رأسها جهة الدار البيضاء-سطات (22.2) والرباط-سلا-القنيطرة (13.7)، وفي المقابل تضم خمس جهات أكثر من 71.4 في المائة من العاطلين.

    المصدر: الموقع الرسمي لحزب العدالة والتنمية

    أعجبك المقال؟ شاركه على منصتك المفضلة..
    قد يعجبك ايضا
    اترك رد

    لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

    يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد