“نظام بنموسى” يخالف قرار المحكمة الدستورية رقم 2015/953
خلف إصدار النظام الأساسي الجديد الخاص بموظفي وزارة التربية الوطنية حالة غير مسبوقة من الغضب والرفض وسط شريحة كبيرة من الشغيلة التعليمية الامر الذي تم التعبير عنه في وقفات ومسيرات وإضرابات متواصلة منذ شهرين تقريبا.
وحاولت الحكومة في أكثر من مناسبة وبأكثر من طريقة التعامل مع احتجاجات الأساتذة، وتقديمها على انها لا ترتكز على أُسس صلبة، وبأنها جاءت نتيجة سوء فهم لا أكثر، كما دعت 4 من النقابات التعليمية الأكثر تمثيلية إلى الحوار في محاولة للبحث عن حلول مناسبة وتجنب غضب الأسر وأولياء التلاميذ الذي بدأ يتصاعد في الفترة الأخيرة.
ورغم النقاش الذي خلفه طرح هذا النظام، إلا أن الجانب القانوني لم يحظ بالعناية اللازمة ولم يتم طرحه إلا في حالات معدودة.
ومعلوم أن المحكمة الدستورية هي أعلى هيئة قضائية في المغرب، تمارس رقابة قبلية وبعدية على دستورية القوانين، وتبت في موافقتها للنص الدستوري، وتتألف طبقا لأحكام الفصل 130 من الدستور، من اثني عشر (12) عضوا، يعينون لمدة تسع (9) سنوات غير قابلة للتجديد.
وعودة إلى قرار المجلس الدستوري (المحكمة الدستورية لاحقا) رقم: 15/ 953، والذي صدر بعد رسالة لرئيس مجلس النواب طلب فيها من المجلس الدستوري البت في الخلاف الحاصل بين مجلس النواب والحكومة حول مقترح قانون متعلق بإحداث نظام أساسي خاص بهيئة الدكاترة الموظفين بالإدارات العمومية والجماعات الترابية والمؤسسات العامة الذي دفعت الحكومة بعدم قبوله.
فإن أهم ما يمكن الوقوف عنده هو ان الأنظمة الأساسية الخاصة بالموظفين، كما أكد على ذلك المجلس الدستوري من خلال نفس القرار “تقتصر على تحديد مهام ومسار (الموظفين) المهني ودرجاتهم ورتبهم والأرقام الاستدلالية المطابقة لهذه الرتب والتعويضات الشهرية المخولة لهم، أي كل الأمور التي تكتسي طابعا تنظيميا.”
وبناء على ذلك فإنه لا يمكن للسلطة التنظيمية (أي الحكومة) أن تقلص من الضمانات الأساسية الممنوحة للموظفين، كما لا يمكن أن تنصب الأنظمة الأساسية الخاصة الصادرة بموجب مراسيم حكومية، على تنظيم الحقوق والضمانات أو الواجبات المحددة بموجب النظام الأساسي العام للوظيفة العمومية من جهة أخرى. وذلك بالنظر إلى أن الفصل 71 من الدستور ينص على أن الحقو ق والضمانات الأساسية الممنوحة للموظفين تندرج في مجال القانون.
خلاصة القول ان تناول النظام الأساسي الخاص بموظفي قطاع التربية الوطنية لعدد من الأمور المتعلقة بواجبات الموظفين وضماناتهم (وهو ما تضمنه النظام الأساسي الجديد في بعض مواده) يجعل منه نصا تنظيميا فاقدا للشرعية، ومتعارضا مع الدستور، ومع موقف المحكمة الدستورية بخصوص هندسة الأنظمة الأساسية.
وبالإضافة لما سبق هناك ملاحظة أساسية يمكن الوقوف عليها في هذا النظام الجديد، يجب العودة للمادة 3 من المرسوم، والتي تنص على أن “الموارد البشرية تسري عليها أحكام النصوص التشريعية والتنظيمية المطبقة على موظفي الدولة التي لا تعارض مع مقتضيات هذا المرسوم”.
ومعلوم ان مبدأ تراتبية القواعد القانونية “يقتضي أن القاعدة الدنيا لا ينبغي أن تتعارض مع القاعدة العليا، وهو ما يعني أن المرسوم كنص ينتمي إلى المجال التنظيمي لا ينبغي أن تتعارض بنوده مع القوانين الأعلى مرتبة منه” وهو ما لم يتم احترامه هنا.