أردوغان يستعد لقيادة تركيا لعقد ثالث


انطلق رجب طيب أردوغان من خلفية متواضعة، لكنه تطور ليتحول إلى عملاق سياسي، حيث تسلم دفة الحكم لمدة 20 عاماً، وأعاد هيكلة تركيا أكثر من أي زعيم حكم البلاد بعد مصطفى كمال أتاتورك، الأب الروحي للجمهورية الحديثة.

لكن التضخم المتنامي وأزمة تكاليف المعيشة، تلقي بظلال الشك على فرصه في مد حكمه لعقد ثالث.

قد يمنعه تراجعه في الاستطلاعات وتحدي المعارضة القوي له من الفوز في الانتخابات المقررة في مايو المقبل.

بالنسبة لزعيم مشاكس صاحب سجل قوي على صعيد التنمية والازدهار والتحديث، يمثل التدهور الاقتصادي في تركيا خطراً جسيماً.

في البداية كرئيس للوزراء في سنة 2003 ثم كرئيس منتخب بشكل مباشر منذ سنة 2014 وحتى الآن، استعرض رجب طيب أردوغان عضلات بلاده كقوة إقليمية، ودافع عن القضايا الإسلامية وسارع إلى القضاء على المعارضة الداخلية.

على الرغم من أنه رئيس دولة عضو في حلف شمال الاطلسي (ناتو)، لكنه جعل من بلاده وسيطاً في الحرب الروسية الأوكرانية، وأبقى كل من السويد وفنلندا في حالة انتظار للانضمام إلى التحالف الدفاعي الغربي.

أثارت دبلوماسيته القوية غضب الحلفاء في أوروبا وخارجها.

في حين أن العديد من الأتراك يتطلعون إلى مستقبل لا يكون أردوغان جزء منه، لكنه انتصر في كل الانتخابات السابقة، ولن يتخلى عن السلطة بسهولة.

لقد سعى بالفعل إلى منع منافس رئيسي له من الترشح، وهو أكرم إمام أوغلو، رئيس بلدية اسطنبول.

إنه يعرف مخاطر الهزيمة على يد عمدة اسطنبول الشهير أكثر من أي شخص آخر، لأن هذا هو المنصب الذي بنى من خلاله أردوغان أيضاً قاعدة نفوذه في التسعينيات.

ولد رجب طيب أردوغان في فبراير 1954، كان والده يعمل في خفر السواحل على ساحل البحر الأسود في تركيا. عندما كان في الثالثة عشرة من عمره، قرر والده الانتقال إلى اسطنبول، على أمل أن يحصل أبناؤه الخمسة على فرصة حياة أفضل.

كان يبيع في صغره، عصير الليمون وكعك السمسم لكسب مال إضافي. التحق بمدرسة إسلامية قبل حصوله على شهادة في الإدارة من جامعة مرمرة في اسطنبول، ولعب كرة القدم بشكل احترافي.

في السبعينيات والثمانينيات، كان ناشطاً في الأوساط الإسلامية، وانضم إلى حزب نجم الدين أربكان الإسلامي.

مع ازدياد شعبية الحزب في التسعينيات، انتُخب أردوغان لمنصب عمدة اسطنبول في سنة 1994 وأدار المدينة على مدى السنوات الأربع التالية.

لكن فترة حكمه انتهت عندما أدين بالتحريض على الكراهية العنصرية لقراءته علنا قصيدة قومية تضمنت: “المساجد ثكناتنا، والقباب خوذنا، والمآذن حرابنا والمؤمنون جنودنا”.

- إشهار -

بعد أن أمضى أربعة أشهر في السجن، عاد إلى ممارسة السياسة مجدداً. لكن حُظر حزبه لانتهاكه المبادئ العلمانية الصارمة للدولة التركية الحديثة.

في غشت 2001 ، أسس حزباً إسلامياً جديداً مع حليفه عبد الله غول، حمل اسم العدالة والتنمية (AKP)

في سنة 2002 ، فاز حزبه بالأغلبية في الانتخابات البرلمانية وفي العام التالي، تم تعيينه رئيساً للوزراء، ولا يزال رئيساً لحزب العدالة والتنمية.

منذ سنة 2003 ، أمضى أردوغان ثلاث فترات كرئيس للوزراء، وقادة فترة من النمو الاقتصادي المستقر، وحاز على الثناء دولياً كمحدث.

توسعت الطبقة الوسطى في البلاد وتم إنتشال الملايين من الفقر ، حيث أعطى أردوغان الأولوية لمشاريع البنية التحتية العملاقة لتحديث تركيا.

لكن معارضيه يحذرون من أنه أصبح مستبداً بشكل متزايد.

بحلول سنة 2013 ، خرج المتظاهرون إلى الشوارع، احتجاجاً على خطط حكومته لتحويل حديقة غيزي ذات الأهمية لدى سكان المنطقة في وسط اسطنبول ، ولكن أيضاً في تحد للحكم الذي بات أكثر استبداداً.

وأدان رئيس الوزراء المظاهرات ووصف المتظاهرين بـ “الحثالة”.

كان سكان اسطنبول يقرعون على الأواني عند الساعة التاسعة في كل ليلة بروح من التحدي.

وكانت ثمة مزاعم حول فساد أبناء ثلاثة من حلفاء الحكومة.

شكلت احتجاجات حديقة غيزي نقطة تحول في حكمه. المعارضة رأت تصرفاته اقرب إلى سلوك أحد سلاطين الإمبراطورية العثمانية أكثر من كونه شخصاً ديمقراطياً.

كما اختلف أردوغان مع فتح الله غولن، رجل الدين الإسلامي التركي المقيم في الولايات المتحدة، الذي ساعدته حركته الاجتماعية والثقافية على الفوز في ثلاث انتخابات متتالية واستطاع إبعاد الجيش عن السياسة. لقد كان لذلك العداء تداعيات وخيمة على المجتمع التركي.

وكالات

أعجبك المقال؟ شاركه على منصتك المفضلة..
قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد