تحليل..سيناريوهات العلاقات المغربية الألمانية بعد رحيل ميركل


بديل.آنفو- ”ليبيا ليست كعكة يتقاسم ثرواتها الجميع”؛ هكذا كان تصريح وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة الذي عبر عن دعمه للفرقاء السياسيين الليبيين، خاصة وأن المغرب صار يلعب دورا ديبلوماسيا كبيرا في الملف الليبي من خلال احتضانه لمشاورات الصخيرات التي انبثقت منها حكومة الوفاق الوطني، ثم مشاورات بوزنيقة.

إلا أنه لم يكن أبدا من المتوقع أن يقصد هذا التصريح ولو بشكل ضمني ألمانيا صاحبة أقوى اقتصاد في أوروبا، والتي ستتخذ موقفا عدائيا من المغرب بشكل علني ومن دون مواربة أو تقية.

مواقف ”عدائية

كانت أولى المواقف العدائية لبرلين من المغرب تتمحور حول الملف الليبي، حين أقصت ألمانيا الرباط من مؤتمر برلين الأول حول ليبيا في يناير 2020، واستدعت العديد من الأطراف الإقليمية المؤثرة في العملية السياسية الليبية، في الوقت الذي لعب فيه المغرب دورا يكاد يكون رئيسيا من خلال احتضانه مشاورات الصخيرات والتوقيع على الاتفاق الذي انبثقت منه حكومة الوفاق الوطني المعترف به دوليا.

ثاني المواقف العدائية التي عبرت عنها حكومة أنجيلا ميركل، هي الاعتراف الأمريكي بسيادة المغرب على الصحراء، فقد عبرت الحكومة الألمانية وقتها بضرورة انعقاد مجلس الأمن مباشرة وإعادة النظر في هذه سيادة المغرب على الصحراء ومياهه الإقليمية.

”لا نريد تركيا جديدة في غرب البحر الأبيض المتوسط..”؛ هكذا صدر تقرير استخباراتي ألماني أنجزته إيزابيل فيرينفيليس رئيسة مكتب المخابرات الألماني قسم شمال افريقيا والشرق الأوسط، عبرت فيه عن تخوفها من صعود المغرب كقوة إقليمية صاعدة مشيرة بذلك إلى التغلغل المغربي الاقتصادي في إفريقيا ونسجه لعلاقات مع أوروبا الشرقية.

حالة الاصطفاف الألماني ضد المغرب، تجلت ايضا من خلال زيارة السفير الألماني في مدريد إلى مدينة مليلية المحتلة والتي كانت رسالة واضحة إلى الرباط، بعد زيارة وزير الدفاع الإسرائيلي بيلي غيتس إلى المغرب ولقائه بمسؤولين مغاربة وتوقيعه على اتفاقيات في المجال العسكري والإستخباراتي والأمني.

شقير: تقارب مغربي إسرائيلي أمريكي يُخيف ألمانيا

- إشهار -

ارتباطا بالموضوع، يرى محمد شقير المحلل السياسي والباحث في العلاقات الدولية، أن من بين الأسباب التي أدت إلى تخوف ألمانيا من صعود المغرب كقوة إقليمية هو ”خشيتها من تحوله إلى قطب تنموي رائد في المنطقة واستفادته من ثروات جبل تروبيك، فألمانيا الخائفة على سياراتها، ستحرم من هذه اتفاقيات الإستفادة من ثروات جبل تروبيك التي وقعها المغرب مع الولايات المتحدة الأمريكية”.

ويضيف محمد شقير، ضمن حديث لموقع ”بديل”، أن ألمانيا تسعى إلى إيجاد نوع من التوازن الإقليمي بين المغرب والجزائر. والشركاء الأوروبيين يتخوفون من هذا التحالف الثلاثي بين المغرب وإسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية الذي سيرجح الكفة لصالح المغرب، ولهذا تسعى ألمانيا للحفاظ على التوازن، خاصة وأن الجزائر تعاني مشاكل داخلية، كما أن الاعتراف الأمريكي بسيادة المغرب على الصحراء كان عاملا أساسيا للضغط على الشركاء الأوروبيين وإجبارهم على التعامل مع سياسة الأمر الواقع.

تحول في الموقف بعد رحيل ميركل

والآن وبعد مغادرة المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل إلى الاشتراكي شولتز، أصبح واضحا أن ألمانيا تسعى لإعادة ترتيب أوراقها من جديد مع المغرب، لاسيما بعد تعبير وزير خارجيتها عن ترحيبه بمقترح الحكم الذاتي.

 ويشدد الخبير في العلاقات المغربية الألمانية رشيد مرزكيوي، أن ألمانيا لا يمكنها الاستغناء عن المغرب كشريك استراتيجي مؤثر مع الإتحاد الأوروبي، فقد استطاع المغرب أن يفرض نفسه كقوة مؤثرة على مستوى الشراكة بين دول الشمال والجنوب، كما أن الاتفاقيات التي وقعها المغرب مع إسرائيل من أجل تعزيز ترسانته العسكرية والمناورات على مضيق جبل طارق جعلت الألمان يعملون للمغرب ألف حساب كلاعب استراتيجي في البحر الأبيض المتوسط.

وردا على سؤال ”بديل” عن أن من بين أسباب التوتر هو وجود تقارير مخابراتية تتحدث عن اكتشاف المخابرات المغربية لمواقع استغلال ألمانيا لمصادر الطاقة في ليبيا، استبعد مرزكيوي ذلك قائلا أن ”ليبيا بلد بترولي بامتياز، ولو كان ذلك صحيحا، لكان الأولى أن تتفرغ ألمانيا لتحدياتها مع تركيا التي تدخلت عسكريا في ليبيا”.

أعجبك المقال؟ شاركه على منصتك المفضلة..
قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد