الهندسة الجيوماتيكية في صلب السيادة الغذائية والأمن العقاري بالمغرب وإفريقيا

أكد وزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، أحمد البواري، أن الهندسة الجيوماتيكية أصبحت اليوم رافعة استراتيجية لتعزيز الأمن العقاري، وتحقيق السيادة الغذائية، ودعم التخطيط الترابي المستدام.
وجاءت تصريحات الوزير خلال افتتاح أشغال المؤتمر الوطني الثامن للهيئة الوطنية للمهندسين المساحين الطوبوغرافيين، المنعقد بالرباط تحت الرعاية السامية للملك محمد السادس، والذي ينعقد هذه السنة تحت شعار: “مغرب المبادرات من أجل إفريقيا صاعدة”.
وأوضح البواري أن هذا الشعار يُجسد التزام المغرب الراسخ من أجل قارة إفريقية متضامنة ومندمجة ومزدهرة، مشيرًا إلى أن الهندسة الجيوماتيكية تلعب دورًا جوهريًا في تدبير الموارد الطبيعية وتطوير القطاع الفلاحي، من خلال إدماج تقنيات حديثة مثل الذكاء الاصطناعي والاستشعار عن بعد.
وأضاف الوزير أن “الزراعة الذكية كما نصت عليها استراتيجية الجيل الأخضر 2020–2030، لا يمكن أن تتحقق دون نظم معلومات جغرافية قوية، وبيانات عقارية دقيقة ومحدثة”، مبرزًا حاجة القطاع إلى خرائط تفصيلية للتربة، ونماذج طبوغرافية لتخطيط المساحات المسقية، وبيانات فضائية لتتبع المحاصيل الزراعية، ومعطيات قانونية لضمان حقوق الاستغلال.
كما شدد على أهمية الشراكة الاستراتيجية بين الوزارة والهيئة، مؤكدا أن المهندسين المساحين الطوبوغرافيين يلعبون دورا محوريا في إنجاح عدد من المشاريع الهيكلية التي أطلقتها الوزارة على المستويين الوطني والقاري.
من جهته، أبرز خالد يوسفي، رئيس الهيئة الوطنية للمهندسين المساحين الطوبوغرافيين، أن المؤتمر ينعقد في سياق إفريقي حساس، يتسم بتحديات كبرى مثل التوسع الحضري والضغط على العقار والتغيرات المناخية، مما يفرض تعبئة كل الطاقات المهنية، وتطوير رؤية استراتيجية شاملة تتلاءم مع تطورات القارة.
وأشار يوسفي إلى أهمية الشراكات التي تربط الهيئة بعدة وزارات، من بينها وزارة الفلاحة، ووزارة التعمير، ووزارة التجهيز، إضافة إلى تعاونها الوثيق مع الوكالة الوطنية للمحافظة العقارية، بما يخدم أهداف التخطيط المجالي والتحديث العمراني.
- إشهار -
وقد شهد المؤتمر توقيع مذكرة تفاهم بين هيئات مهنية من عشر دول إفريقية، منها المغرب، بنين، الكاميرون، السنغال، والنيجر، في خطوة تهدف إلى وضع أسس حكامة عقارية تشاركية وتعزيز التكامل القاري في هذا المجال.
وسبق الجلسة الافتتاحية انعقاد الدورة الأولى من “المؤتمر الإفريقي للقياس الطوبوغرافي”، الذي حضرته 11 بعثة من دول إفريقية، وتركزت أعماله حول “التعاون والشراكة من أجل إفريقيا صاعدة”، حيث تم التطرق إلى أهمية تحديث نظم تدبير العقار في تعزيز الاستقرار وجلب الاستثمار.
ويشمل برنامج المؤتمر الوطني ثلاث جلسات رئيسية تتناول موضوعات حيوية، هي: “تأمين العقار في خدمة الفلاحة بإفريقيا”، و”التخطيط الترابي والحكامة العقارية”، و”المشاريع الكبرى في إطار التعاون جنوب–جنوب”.
وتغطي مهنة الهندسة الطوبوغرافية مجالات واسعة تشمل رسم الخرائط، الجيوديسيا، التجزئة، تحديد الملكية، التهيئة العمرانية، والأشغال الكبرى، حيث يضم القطاع في المغرب 1239 مهندسًا مساحًا طوبوغرافيًا، يعمل أكثر من نصفهم في القطاع الخاص، من خلال 700 مقاولة تساهم في خلق آلاف مناصب الشغل وتحقق أرقام معاملات تقارب 3 مليارات درهم سنويًا.
وتبرز أهمية هذا القطاع في إنجاز مشاريع استراتيجية، منها: القطار الفائق السرعة، موانئ الطاقة، المدن الجديدة، ومرافق كأس العالم 2030، ما يجعل من الهندسة الجيوماتيكية إحدى دعائم التنمية الترابية والاقتصادية للمملكة، وللقارة الإفريقية ككل.