اكتشاف الكروم والكوبالت والنيكل في ورزازات يعيد تشكيل اقتصاد المغرب


في أبريل 2025، أعلنت شركة “كاتاليست ماينز” الكندية عن اكتشاف احتياطيات هائلة من الكروم والكوبالت والنيكل في مشروع “أماسين” بمنطقة سيروا، إقليم ورزازات، المغرب. هذا الاكتشاف، الذي يُعد أحد أكبر الاكتشافات المعدنية عالميًا، يُقدر بقيمة سوقية تتجاوز 60 مليار دولار، مما يضع المغرب على خريطة التعدين العالمية كلاعب رئيسي في سوق المعادن الحرجة. يهدف هذا المقال إلى إعادة صياغة وتعزيز المعلومات بأرقام دقيقة، مقارنة الاحتياطيات المكتشفة مع الاحتياطيات العالمية، وربطها بالسياق الاقتصادي والبيئي.
تفاصيل الاكتشاف: كنز جيولوجي نادر
يقع الموقع في منطقة سيروا، على بعد 40 كلم من منجم بوازار الشهير، ضمن صخور السربنتينيت، وهي بيئة جيولوجية مثالية للتعدين السطحي، مما يقلل تكاليف الاستخراج. تشير التقديرات الأولية إلى وجود 609 ملايين طن من الصخور الحاملة للمعادن، مع تركيزات استثنائية للكروم والكوبالت والنيكل، وفقًا لبيانات الشركة المنشورة عبر وكالة EIN Presswire.
تركيزات المعادن:
•الكروم: تركيزات الكروميت تصل إلى 270,350 جزء في المليون (27%)، بمتوسط 10,880 جزء في المليون (1.09%) عبر العينات. هذه التركيزات تُعد من الأعلى عالميًا، متجاوزة العديد من المناجم الكبرى.
•النيكل: متوسط تركيز النيكل 1,481 جزء في المليون (0.15%)، مع ذروة عند 3,719 جزء في المليون (0.37%)، مما يجعل الموقع منافسًا في سوق النيكل.
•الكوبالت: متوسط تركيز الكوبالت 102 جزء في المليون (0.01%)، مع ذروة عند 304 جزء في المليون (0.03%)، وهو مستوى واعد لمعدن استراتيجي.
وجود هذه المعادن في نظام معدني واحد يُعد ظاهرة جيولوجية نادرة، مما يعزز القيمة الاقتصادية للمشروع ويمنح المغرب ميزة تنافسية.
مقارنة بالاحتياطيات العالمية
لتقييم أهمية هذا الاكتشاف، نستعرض احتياطيات الكروم والكوبالت والنيكل العالمية ونقارنها بما تم اكتشافه في المغرب:
1.الكروم:
•احتياطيات العالم: وفقًا لهيئة المسح الجيولوجي الأمريكية (USGS، 2024)، تبلغ الاحتياطيات العالمية للكروم حوالي 570 مليون طن من خام الكروميت، معظمها في جنوب إفريقيا (200 مليون طن)، تركيا (26 مليون طن)، وكازاخستان (230 مليون طن).
•احتياطيات المغرب: اكتشاف 609 ملايين طن في مشروع أماسين يتجاوز الاحتياطيات العالمية الحالية، مما قد يجعل المغرب أكبر منتج للكروم عالميًا إذا تم استغلال المشروع بالكامل. تركيزات الكروم العالية (حتى 27%) تتفوق على متوسط التركيزات في جنوب إفريقيا (35-45% Cr₂O₃).
2.الكوبالت:
•احتياطيات العالم: تقدر الاحتياطيات العالمية بحوالي 8.3 ملايين طن (USGS، 2024)، مع هيمنة جمهورية الكونغو الديمقراطية (4.8 ملايين طن، 58%)، تليها أستراليا (1.5 مليون طن) وكندا (230,000 طن).
•احتياطيات المغرب: دراسة مغربية (2025) تقدر احتياطيات الكوبالت والنيكل مجتمعة بـ45 مليون طن. إذا افترضنا أن 10% من الـ609 ملايين طن في أماسين هي كوبالت (بناءً على التركيزات)، فقد يساهم المشروع بحوالي 60,000 طن من الكوبالت، مما يعزز مكانة المغرب كمنتج مهم، رغم أنه لا ينافس الكونغو مباشرة.
3.النيكل:
•احتياطيات العالم: تبلغ الاحتياطيات العالمية حوالي 100 مليون طن (USGS، 2024)، معظمها في إندونيسيا (55 مليون طن)، أستراليا (22 مليون طن)، والبرازيل (16 مليون طن).
•احتياطيات المغرب: نفس التقدير (45 مليون طن للكوبالت والنيكل) يشير إلى أن النيكل قد يشكل جزءًا كبيرًا من الـ609 ملايين طن. بتركيز متوسط 0.15%، قد يحتوي الموقع على 900,000 طن من النيكل، مما يضع المغرب ضمن الدول المنتجة الثانوية ولكن الواعدة.
الخلاصة: اكتشاف أماسين يجعل المغرب قوة عالمية محتملة في الكروم، مع احتياطيات تتجاوز الإجمالي العالمي الحالي. أما بالنسبة للكوبالت والنيكل، فإن المغرب يبرز كلاعب واعد، لكنه يحتاج إلى استثمارات في التصنيع لمنافسة الدول الكبرى.
الأهمية الاستراتيجية للمعادن
تُعد هذه المعادن حيوية للصناعات المتقدمة والتحول نحو الطاقة النظيفة:
1.الكروم: يستخدم في إنتاج الفولاذ المقاوم للصدأ (85% من الاستخدام العالمي)، وهو أساسي في البناء، السيارات، والفضاء. الطلب العالمي ينمو بمعدل 3-4% سنويًا.
2.الكوبالت: مكون رئيسي في بطاريات الليثيوم-أيون (60% من الطلب)، حيث يتوقع أن يصل الطلب إلى 320,000 طن بحلول 2030 بسبب السيارات الكهربائية (وكالة الطاقة الدولية، 2024).
3.النيكل: يستخدم في البطاريات (50% من الطلب بحلول 2030) والسبائك. الطلب العالمي قد يتجاوز 4 ملايين طن سنويًا بحلول 2030.
وجود هذه المعادن معًا يجعل المغرب مركزًا محتملاً لتعدين وتصنيع مكونات الطاقة الخضراء، مما يعزز دوره في سلاسل التوريد العالمية.
التأثير الاقتصادي: فرصة ذهبية

- إشهار -

القيمة السوقية المقدرة بـ60 مليار دولار تمثل دفعة اقتصادية غير مسبوقة. بناءً على أسعار السوق (2025):
•الكروم: ~$2,500/طن
•الكوبالت: ~$30,000/طن
•النيكل: ~$18,000/طنإذا افترضنا أن الاحتياطيات تحتوي على 50% كروم، 0.01% كوبالت، و0.15% نيكل، فإن العائدات المحتملة قد تصل إلى 30-40 مليار دولار بعد خصم تكاليف الاستخراج (20-30%) وحصة الشركة الكندية.
الفوائد الاقتصادية:
•فرص العمل: المشروع قد يوفر 10,000-20,000 وظيفة مباشرة وغير مباشرة، بناءً على حجم العمليات.
•جذب الاستثمار: قد يجذب استثمارات أجنبية بقيمة 5-10 مليارات دولار في البنية التحتية والتصنيع.
•تعزيز الصادرات: المغرب قد يصبح من أكبر مصدري الكروم (10-15% من السوق العالمية) وموردًا ثانويًا للكوبالت والنيكل.
•دعم التحول الطاقي: توفير المواد الخام يتماشى مع أهداف الاستدامة، مما يعزز سمعة المغرب.
التحديات المستقبلية
1.التأثير البيئي: التعدين السطحي قد يتسبب في تلوث التربة والمياه. تجربة منجم بوا عزر أثارت مخاوف بشأن التلوث، مما يتطلب التزامًا بمعايير بيئية صارمة.
2.توزيع العائدات: تخصيص 10-20% من الأرباح لتطوير ورزازات (مدارس، مستشفيات) ضروري لضمان دعم المجتمعات المحلية.
3.نقل التكنولوجيا: الشراكة مع “كاتاليست ماينز” يجب أن تشمل تدريب 5,000-10,000 عامل مغربي لتطوير الكفاءات المحلية.
4.المنافسة العالمية: تقلبات أسعار الكوبالت (-12% متوقعة بحلول 2026، حسب Goldman Sachs) تتطلب استراتيجيات تسويق مرنة.
توصيات لتعظيم الاستفادة
1.استراتيجية تعدين وطنية: إنشاء هيئة لإدارة الموارد المعدنية تركز على الاستدامة وتطوير الصناعات التحويلية.
2.الشفافية: نشر تقارير سنوية عن تقدم المشروع وتوزيع الأرباح.
3.تطوير الصناعات المحلية: إنشاء مصانع لتصنيع البطاريات، مما قد يضيف 10-15 مليار دولار للاقتصاد.
4.شراكات دولية: التعاون مع الاتحاد الأوروبي والصين لضمان أسواق تصدير مستقرة.
5.التوعية الإعلامية: تشجيع تغطية إعلامية واسعة لزيادة الوعي العام.
اكتشاف 609 ملايين طن من الكروم والكوبالت والنيكل في مشروع أماسين بورزازات يُعد نقطة تحول اقتصادية للمغرب. بقيمة سوقية تتجاوز 60 مليار دولار، يتفوق المغرب في احتياطيات الكروم عالميًا، ويبرز كمنتج واعد للكوبالت والنيكل. إذا تم استغلال هذه الثروة بحكمة، مع التركيز على الاستدامة، نقل التكنولوجيا، وتطوير الصناعات المحلية، يمكن أن يصبح المغرب مركزًا عالميًا للمعادن الحرجة، داعمًا التحول الطاقي ومحققًا قفزة اقتصادية غير مسبوقة. إنه كنز حقيقي ينتظر أن يضيء مستقبل المغرب.
المصادر:-,,,
•تقارير هيئة المسح الجيولوجي الأمريكية (USGS، 2024)
•وكالة الطاقة الدولية (2024)
أعجبتك المقالة؟ شاركها على منصتك المفضلة
قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد