فرار مسؤولين ومنتخبين مغاربة إلى الخارج.. أزمة ثقة أم تهرب من العدالة؟


لم تعد أخبار فرار مسؤولين ومنتخبين مغاربة إلى الخارج مجرد حالات معزولة، بل تحولت إلى ظاهرة مقلقة تطرح أكثر من علامة استفهام حول مدى ثقة هؤلاء المسؤولين في القضاء المغربي، وحول قدرة المؤسسات على فرض احترام سلطة القانون.

وتابع الرأي العام الوطني، بحر الأسبوع الذي نودعه، خبر فرار كاتب مجلس جهة فاس مكناس عن حزب التجمع الوطني للأحرار، يوسف مراد، بعد صدور حكم قضائي في حقه، كما غادر عبد الواحد الخلوقي، رئيس المجلس الإقليمي لسيدي سليمان، التراب الوطني بعد إدانته بـ10 سنوات سجنا نافذا، قبل أشهر.

أما القضية التي أثارت جدلا واسعا، فهي مغادرة رئيس نادي الرجاء الرياضي، البرلماني عن حزب التجمع الوطني للأحرار، نحو ألمانيا، عقب إصدار مذكرة توقيف ضده، مما سلط الضوء أكثر على هشاشة منظومة المساءلة وعلى إشكالية “الفرار السياسي” في المغرب.

تتعدد القراءات حول أسباب هذه الظاهرة، فبعض التحليلات ترى أن هروب المسؤولين والمتابعين قضائيا يعكس بشكل مباشر أزمة ثقة في الجهاز القضائي، سواء بسبب تخوفهم من المحاكمات غير العادلة أو بسبب يقينهم بأن ملفاتهم، الثقيلة سياسيا وإعلاميا، قد لا تعامل بالموضوعية اللازمة.

وفي المقابل، هناك من يعتبر أن هؤلاء الفارين يدركون جيدا حجم الخروقات التي تورطوا فيها، ويعلمون أن فرص تبرئتهم ضئيلة، فيلجؤون إلى الفرار لتجنب السجن والعقوبات.

لا يمكن فهم ظاهرة فرار المسؤولين دون استحضار البعد الأخلاقي للأزمة، فالمسؤول، سواء كان منتخبا أو إداريا، ملزم قانونيا وأخلاقيا بمواجهة تبعات أفعاله، والامتثال لقرارات القضاء بدل التملص منها.

- إشهار -

إن لجوء هؤلاء إلى الهروب يقوض الثقة العامة في المؤسسات، ويعزز الإحساس باللاعدالة والتمييز أمام القانون، خاصة إذا ما قورن وضعهم بوضع مواطنين عاديين لا يملكون ترف الهروب أو “شبكة الحماية” السياسية.

وتطرح هذه الوقائع أسئلة حول فعالية نظام إخطار الحدود ومراقبة المتابعين قضائيا، لا سيما أن بعض الفارين تمكنوا من مغادرة البلاد رغم صدور متابعات أو حتى مذكرات توقيف في حقهم.

وتعكس هذه الظاهرة، وفق متتبعين، فشلا في ربط المسؤولية بالمحاسبة، وهو أحد المبادئ الدستورية التي يلح الدستور المغربي على تكريسها، لكنها تظل، كما يبدو، حبرا على ورق أمام ممارسات الواقع.

ومعلوم أن فرار المسؤولين إلى الخارج هو في جوهره إعلان صريح عن خلل مزدوج: خلل في منظومة العدالة، وخلل في أخلاقيات الممارسة السياسية، ولا سبيل لمواجهته إلا بإصلاحات حقيقية وشجاعة تعيد الاعتبار لدولة القانون.

أعجبتك المقالة؟ شاركها على منصتك المفضلة
قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد