حول تصريحات زعيم اليمين البلجيكي تجاه المغاربة

أثارت تصريحات زعيم الحزب الليبرالي اليميني البلجيكي، “جورج لوي بوشي” على قناة Bel RTL، يوم الأربعاء 16 أبريل الجاري حول “الاحتيال” على الضمان الاجتماعي في بلجيكا، مركزًا خطابه على المغرب والمغاربة دون الإشارة ولو بكلمة واحدة إلى باقي المجموعات البشرية الأخرى المكونة اليوم للمجتمع البلجيكي (كاتراك بلجيكا، وكونغوليو بلجيكا، وإيطاليو بلجيكا، ولا حتى البلجيكيين “الأصليين” أنفسهم الذين يملكون بدورهم بيوتا وعقارات في إسبانيا وفرنسا وهولندا)، ردود فعل متباينة.
جورج بوشي، قال حرفيًا بأن “هناك أشخاصا لديهم منازل في المغرب ويحصلون على مساعدات اجتماعية في بلجيكا”. فحتى إن كان خطابه فيه جزء من الحقيقة، لكن التركيز فقط على المغاربة فيه “إن” ويفقد مصداقيته.
هذه التصريحات العنصرية الموجهة، لم تمر مرور الكرام، بل جعل الإعلام البلجيكي المكتوب والمسموع (السمعي والبصري) من المغاربة، مادة دسمة طوال هذا الأسبوع… وما زال.
ففي حوار جديد له، رفض زعيم اليمين الاعتذار للمغاربة، إذ صرح بأنه “قال الحقيقة،” وأن أبويه علموه أن يقول الحقيقة (وللإشارة فإن جورج لوي بوشي هو أيضًا تناسل من أم إيطالية مهاجرة إلى بلجيكا، وأب بلجيكي).
ردود الفعل القوية جاءت من بعض منتخبي الحزب الاشتراكي البلجيكي من أصل مغربي، إذ قال رضوان شهيد عمدة بلدية “إيبير” ببروكسيل بأن هدف تصريحات “بوشي” هو “استقطاب أصوات اليمين المتطرف البلجيكي” وكل من يعادي الجالية المغربية، في حين ذهب البعض من هؤلاء إلى شن هجوم عنيف على المنتخبين من أصل مغربي المنتمين للحزب الليبرالي، ويدعونهم إلى الاستقالة من حزب بوشي اليميني، وذلك ما تحقق جزئيًا عندما استقالت النائبة البرلمانية في البرلمان الجهوي (لطيفة أيت بلا) من هذا الحزب اليميني الذي كانت تنتمي إليه منذ عقود من الزمن، احتجاجًا منها على هذه التصريحات.
وكمتتبع لهذا الجدل أود أن أسجل ما يلي:
أولًا: غياب أو ضعف صوت الديمقراطيين المغاربة غير المنتمين للأحزاب البلجيكية من هذا النقاش أو هذا الحراك، في حين الأمر يتطلب احتجاجًا رسميًا أمام مقر هذا الحزب الذي أبان عن عنصرية مقيتة. أو الاحتجاج أمام مقر الحكومة، وهذا ما يمكن التفكير فيه.
ثانيًا: هذه المنازل التي يتحدث عنها جورج بوشي غالبًا ما بُنيت في السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي، على يد الجيل الأول من المهاجرين المغاربة إلى بلجيكا، الذين اشتغلوا بجد طوال حياتهم ليبنوا بعض البيوت في المغرب، ليرثها أبناؤهم بعد ذلك. أما الجيلين الثاني والثالث والرابع فلا يبالون كثيرًا بـ”الياجور” والبناء في المغرب، فأغلبيتهم يحبون أن يعيشوا حياتهم الطبيعية، ويهتمون بأبنائهم، ويسافرون كالبلاجكة، ويقضون عطلهم على شواطئ إسبانيا وتركيا. وهذا ما يتطلب نوعًا من الوضوح وإيصال هذه المعطيات إلى المسؤولين البلجيكيين. فهل يا ترى من ورث أرضًا، أو بيتًا من أجداده في المغرب ويؤدي الضرائب في المغرب، مطالب أن يؤدي عليها ضرائب مضاعفة في بلجيكا أيضًا؟
ثالثًا: نلاحظ صمتًا رهيبًا للسفارة المغربية وكذا وزارة الخارجية المغربية حول هذه التصريحات المستفزة لمغاربة بلجيكا من طرف رئيس حزب يميني، الذي يشكل حزبه أحد أعمدة الحكومة اليمينية البلجيكية الحالية.
- إشهار -
والأخطر ما في الموضوع، وهو ما كشف عنه جورج بوشي بتوسع، في آخر حوار له أول أمس على قناة LN 24، عندما حاول أن يدافع على تصريحاته العنصرية، كاشفًا بأنه أثار اسم المغرب لأن بلجيكا وقعت مع الحكومة المغربية مؤخرًا اتفاقًا عن تبادل المعلومات حول هذا الموضوع.
وهنا يمكن لنا أن نطرح السؤال التالي: كيفاش آ السي أخنوش ومن معك، توقعون على اتفاقية بمد بلجيكا بمعطيات حول ممتلكات مغاربة بلجيكا في المغرب دون علمهم، أو استشارتهم وأخذ بعين الاعتبار برأيهم؟
أين هي سيادة المغرب فيما يتعلق بالمعطيات حول مواطنيها، وكل ما يتعلق بهذا الموضوع؟
ماذا منحت لكم بلجيكا لتزودوها بمعطيات حول تحويلات آبائنا وممتلكاتهم (إن وجدت) في المغرب؟ واش ماشي حشومة عليكم؟
على كل حال: يتضح أننا نعيش تحت رحمة مطرقة اليمين الأوروبي، وسندان المسؤولين المغاربة، الذين لا يرحمون، وسيظل شعورنا أننا شعب متروك لأمره، ولا أحد يحميه، فكما يبدو فالمسؤولين يبيعون ويشترون فينا ونحن نائمون.
الله يدينا فالضو أوصافي.
سلمااااات
سعيد العمراني
بروكسيل، صباح 25 أبريل 2025