اسجنوا المهدوي لأنه سبب بؤس المغاربة!


ها قد تنفست الدولة الصعداء، وارتاحت أعصاب المواطنين، وانفرجت وجوه المسؤولين… تم التعرف على المسؤول الأول عن الأزمة الاقتصادية، وارتفاع الأسعار، وتردي التعليم، واختفاء الماء، وانتشار البطالة، وانقراض الديناصورات: الصحافي المزعج مدير نشر موقع “بديل”، حميد المهدوي.

نعم، المهدوي. هذا الشخص الخطير الذي لا يملك لا ثروة، ولا سلطة، ولا حزبا، ولا شركة محروقات… لكن بعض الأطراف قررت أنه هو سبب البؤس الوطني، ومن ثم وجب محاصرته بثلاث شكايات على الأقل، من طرف وزير العدل عبد اللطيف وهبي، بمباركة وموافقة السيد عزيز أخنوش، رئيس الحكومة.

المهدوي، يا حسرة، لم يتعلم بعد أن الضرب تحت الحزام صار من اختصاص المنزعجين من الرأي الحر، لذلك نُظمت ضده حملة تشهيرية، موسمية مثل التمور، دائمة مثل الغلاء، يشارك فيها “يوتيوبر” مقيم في أمريكا، يمرّ عبر مطار محمد الخامس كما يمرّ الهواء عبر الشبّاك، دون أن يسأله أحد: “فين غادي بهاذ العداوة؟”. ويشارك في المهرجان آخرون، منهم صحافيون “نظاميون”، وأساتذة جامعيون يتحدثون عن الأخلاق كأنهم قضوا شبابهم في التصوف.

المهدوي، الذي لم يرضَ أن يغيّر خطه التحريري، لا بالترغيب ولا بالتهديد، وجد نفسه وحيدا في مواجهة آلة طحن ناعمة، تبدأ بالتشهير وتنتهي برفض تجديد البطاقة الصحافية، لأن الصحافي في هذا البلد يجب أن يكون إما ناطقا رسميا، أو ناطقا صامتا.

- إشهار -

ولأن “العداوة ثابتة والصواب يكون”، دخل على الخط يونس مجاهد، رئيس اللجنة المؤقتة لتدبير ما تبقى من شؤون الصحافة، وقرر هو الآخر أن يقدم شكاية ضد المهدوي، ربما لأنه لم يقل “سير فحالك، الله يرضي عليك”، أو لأنه رفض الانخراط في نادي “الصحافة الآمنة”، تلك التي تكتب افتتاحياتها في قسم الشؤون العامة.

المهدوي ارتكب أكبر الجرائم: قال لا لتطبيع المغرب مع إسرائيل، ونحن نرفض أن نكون “كلنا إسرائيليون”. هذا وحده كاف لتُفتح ضده ملفات، وتُخصص له حلقات على “يوتيوب”، وتُسحب منه البطاقة، ويُوصف بـ”غير المهني”، ثم يُزج به في زاوية “الخطر الداهم على الوطن”.

لهذا نقول: اسجنوا المهدوي، لأنه من يقوم بـ “إزعاج الحكومة” و”إقلاق راحة الوزراء”، وربما لاحقا زوابع الرياح، وتعكر المزاج العام.

أعجبتك المقالة؟ شاركها على منصتك المفضلة
قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد