بعد “الدبابة”.. التشهير والمليار ونزع البطاقة وشكايتان أخريان: أوقفوا ما يحدث للمهدوي، ظلمكم تجاوز الحدود


يبدو أن الصحفي مدير نشر موقع “بديل”، حميد المهدوي، يؤدي ثمنا باهظا لجرأته ومواقفه المستقلة، إذ يتعرض منذ حوالي سنة ونصف لحملة تضييق متواصلة، تتقاطع فيها الشكايات الرسمية مع العقوبات القضائية، والمنع الإداري، والتشهير الإعلامي، وكل ذلك بسبب مواقفه المنتقدة لسياسات عمومية، ورفضه الانخراط في موجة التطبيع، وتحديدا بعد معارضته الصريحة لما عُرف إعلاميا بجماعة “كلنا إسرائيليون”.

ثلاث شكايات رسمية رفعها وزير العدل عبد اللطيف وهبي ضد المهدوي، بمباركة رئيس الحكومة عزيز أخنوش، في سابقة تُثير الكثير من التساؤلات حول حدود تدخل السلطة التنفيذية في المجال الصحفي.

الشكاية الأولى، التي تُوصف بالأقسى، طالب فيها الوزير المهدوي بتعويض قدره مليار سنتيم، وهي الدعوى التي ترتب عنها صدور حكم ابتدائي قاس يقضي بسجنه سنة ونصف حبسا نافذا، وغرامة مالية ثقيلة قدرها 150 مليون سنتيم.

كما يُلاحق المهدوي أيضا بشكاية جديدة من طرف رئيس اللجنة المؤقتة لتسيير شؤون الصحافة والنشر، يونس مجاهد، وهي الشكاية التي استدعت مثوله أمام لجنة أخلاقيات المهنة، اليوم الأربعاء 16 أبريل الجاري، التي رفضت السماح لدفاعه بحضور جلسة الاستماع، في خرق سافر لحقه في المؤازرة، وهو ما دفعه إلى الامتناع عن المثول، احتجاجا على هذا الانتهاك.

ولم تقف التضييقات عند هذا الحد، فقد رفضت اللجنة المؤقتة تجديد بطاقته المهنية، دون تبرير قانوني واضح، رغم استيفائه للشروط اللازمة، ما يشير إلى أن القرار قد لا يكون مهنيا صرفا، بقدر ما يحمل طابعا سياسيا وانتقاميا.

هذه الحملة المؤسساتية تتزامن مع حملة تشهير يومية يقودها “مشهر سيء السمعة” يقيم في الولايات المتحدة الأمريكية، ويشاركه فيها آخرون، بينهم صحفية وأستاذة جامعية، في مشهد يُوحي بتنسيق محكم لضرب سمعة المهدوي، وتشويهه أمام الرأي العام، بدل مواجهته بالحجج والرأي المخالف.

- إشهار -

ورغم كل ما يتعرض له، فقد سبق للمهدوي أن تقدم بشكاية رسمية ضد المشهّر الذي يروج انه مستخدم من جهة ما، بسبب ما وصفه بحملة قذف وتشهير ممنهجة، غير أن الجهات المعنية لم تحرك ساكنا، ولم يتم لحد الآن النظر فيها، حيث استمر المشهر في زيارتين له للمغرب في السب والتهديد من داخل أرض المملكة، في مفارقة تطرح أكثر من سؤال حول ميزان العدالة وتوازن التعامل مع الشكايات.

ويُذكر أن المهدوي سبق أن قضى ثلاث سنوات من السجن على خلفية القضية التي عُرفت إعلاميا بـ”قضية الدبابة”، حيث اتُّهِم بعدم التبليغ، في ملف لا يزال يثير الجدل، بالنظر إلى طبيعته والظروف التي أُدين فيها.

إن ما يحدث اليوم مع حميد المهدوي ليس مجرد “متابعة قانونية” بل حملة ممنهجة من الضغط والتضييق والتشويه، تُراد منها رسالة واضحة: من يرفع صوته خارج السرب، فليتحمل العواقب، وهو ما يشكل تهديدا خطيرا لحرية التعبير، ولحق المواطن في إعلام مستقل وجريء.

ورغم كل الاتهامات والمضايقات، فإن حميد المهدوي، من خلال خطابه الإعلامي، ظل يقدم نفسه كصحفي معتدل، مؤمن بالمؤسسات، وعلى رأسها المؤسسة القضائية، ومدافعا شرسا عن المؤسسة الملكية، وهو ما يجعل استهدافه المستمر مفارقا لكل منطق، ويطرح تساؤلات عميقة حول الخلفيات الحقيقية لما يتعرض له، والأغراض المخفية للواقفين وراء ذلك.

أعجبتك المقالة؟ شاركها على منصتك المفضلة
قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد