“المادة 3 وقسم وهبي”.. المجلس الاقتصادي يحذر من تقويض حق التقاضي


وجه المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي انتقادات حادة لتعديلات مقترحة على المادة 3 من مشروع قانون المسطرة الجنائية، معبرا عن مخاوفه من تقويض حق التقاضي وتقليص صلاحيات النيابة العامة في التصدي للجرائم المرتبطة بالمال العام، وهو ما اعتبره المجلس مساسا جوهريا بمبادئ دستورية والتزامات دولية.

وحذر المجلس، في رأي مؤسساتي صادر بطلب من رئيس مجلس النواب، من أن الصيغة المقترحة للمادة 3 تُقيد بشكل غير مبرر إمكانيات فتح الأبحاث وتحريك الدعوى العمومية، بجعلها مشروطة بإحالات أو تقارير من هيئات رسمية محددة، كالمجلس الأعلى للحسابات أو المفتشيات العامة أو الهيئة الوطنية للنزاهة. وهو ما اعتُبر خروجا عن المبدأ العام في الملاحقة القضائية للجرائم، ولا سيما في ميدان محاربة الفساد والاختلاس واستغلال النفوذ.

وأكد المجلس الدستوري أن هذا القيد التشريعي لا ينسجم مع الفصل 118 من الدستور، الذي يضمن للجميع حق اللجوء إلى العدالة بدون تمييز، كما أنه يتعارض مع الفصل 12 الذي يعترف بدور المجتمع المدني في الحياة العامة، فضلا عن كونه يتنافى مع اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد التي تشجع على مشاركة الأفراد والجماعات في التبليغ عن الجرائم المالية.

وأشار المجلس إلى أن التعديل المقترح يُضعف من صلاحيات النيابة العامة المنصوص عليها في المادتين 40 و49 من المسطرة الجنائية، والتي تتيح لها تحريك الدعوى العمومية تلقائيا في مختلف أنواع الجرائم، بناء على أي محضر أو وشاية أو شكاية تتوصل بها، ما دام هناك ما يكفي من القرائن.

وفيما نصت المادة المعدلة على إمكانية تحريك الدعوى تلقائيا فقط في “حالة التلبس”، عبّر المجلس عن شكوكه في جدوى هذا الاستثناء، موضحا أن الجرائم المتعلقة بالمال العام غالبا ما تكون معقدة وبعيدة عن مظاهر التلبس التقليدية، مما يجعل تطبيق هذا الشرط شبه مستحيل على أرض الواقع.

كما انتقد المجلس ما وصفه بانعدام الانسجام بين التعديلات المقترحة والمقتضيات الأخرى في القانون الجنائي، الذي يُلزم بالتبليغ عن الجرائم، ويعاقب على الإحجام عن ذلك، مستدلا بالفصلين 209 و299، مؤكدا أن حصر تحريك الدعوى في جهات إدارية محددة قد يعيق آليات الزجر ويحد من فعالية القضاء في محاربة الفساد المالي.

- إشهار -

وخلص المجلس إلى أن اعتماد هذه التعديلات في صيغتها الحالية من شأنه أن يُضعف الثقة في المؤسسات، ويعرقل الجهود الوطنية في ترسيخ الحكامة والشفافية، داعيا إلى مراجعة المادة 3 بما يضمن الانسجام مع روح الدستور وفعالية السياسة الجنائية في مكافحة الجرائم الاقتصادية والمالية.

وبالعودة إلى نص المشروع فإن هذه المادة تحصر الجهات المخول لها المطالبة بإجراء أبحاث قضائية بخصوص جرائم المال العام في المؤسسات الرسمية للدولة، وتمنع المجتمع المدني من التقدم بشكايات بهذا الخصوص، وفي مقدمته الجمعيات التي تشتغل في هذا المجال.

وفي وقت سابق، أكد عبد اللطيف وهبي، وزير العدل، بشكل قاطع رفضه لأي تعديل يطال المادة 3 من مشروع قانون المسطرة الجنائية، وأقسم الوزير بالله على تمسكه بموقفه، مغلقا بذلك الباب أمام أي نقاش تشريعي حول تعديل هذه المادة المثيرة للجدل.

وعلاقة بالموضوع، استغرب رئيس الجمعية المغربية لحماية المال العام، محمد الغلوسي، من السلوك الذي قام به وزير العدل عبد اللطيف وهبي.

واعتبر الغلوسي، ضمن تدوينة سابقة على صفحته الخاصة بـ”فايسبوك” أن وزير العدل بأدائه للقسم امام لجنة العدل والتشريع.. “يعلن عن حالة الإستثناء في المغرب ويعلق احكام الدستور والقانون والاتفاقيات الدولية التي صادق عليها المغرب ويدفع في اتجاه تطبيق الاحكام العرفية !! “.

أعجبتك المقالة؟ شاركها على منصتك المفضلة
قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد