“الفراقشية” ومعطيات خطيرة.. ماذا تريد الأغلبية أن تخفيه عن المغاربة؟

لن تتوقف تفاعلات المغاربة مع الضجة التي فجرها زعيم حزب الاستقلال نزار بركة ووزيره رياض مزور، والتي عرفت إعلامياً بقضية “الشناقة”، عند دعوة مكونات الأغلبية بمجلس النواب لتشكيل مهمة استطلاعية في محاولة لـ”إفشال” لجنة تقصي الحقائق التي طالبت بها مكونات المعارضة.
ويتساءل قطاع عريض من المغاربة عن “الأسرار التي تعمل مكونات الأغلبية على إخفائها عن المغاربة، وعن السر وراء إصرارها على إفشال لجنة تقصي الحقائق”.
وفي خرجتين مستقلتين، تحدث الاستقلاليان نزار بركة، وزير النقل، ووزير الصناعة والتجارة، رياض مزور، عن وجود 18 شخصًا استفادوا من 13 مليار درهم، دون أن يكون لهذا الدعم أي أثر على أسعار اللحوم الحمراء وأضاحي العيد خلال السنوات الماضية.
ومما زاد من تساؤلات المغاربة وتشككهم من أن الدعوة للمهمة الاستطلاعية جاءت رغبة في إفشال لجنة تقصي الحقائق البرلمانية، هو أن الفريق الحركي كان، قبل توقيعه على طلب لجنة التقصي، قد طالب بتشكيل مهمة استطلاعية منذ مدة ولم يحظَ طلبه بالعناية ولم يتم التفاعل معه لحد الساعة.
وأفاد مصدر برلماني ينتمي لمكونات المعارضة أن الأغلبية تريد أن “تحجب الحقيقة عن المغاربة، وهي لا تريدنا أن نعرف كيف تم الاستيراد، من استورد، وما هي آثار هذا الإجراء على المستهلك المغربي، وهل حقق الإجراء أهدافه المعلنة؟”.
وشدد مصدر “بديل”، الذي فضل عدم كشف هويته، أن “الأمر الأكثر خطورة في هذه القضية، هو أن لجنة تقصي الحقائق سيمكنها الإطلاع على كل الوثائق المتعلقة بهذه العملية، ومن ضمنها الشواهد الصحية لشحنات المواشي التي وصلت للمغرب، وبالتالي معرفة تاريخ اقتناء أول شحنة استفادت من الدعم، ومتى دخلت للمغرب”.
- إشهار -
وتابع البرلماني موضحًا، “عند الإعلان عن بدء العمل بتقديم 500 درهم كدعم عن كل رأس من الغنم في مايو 2023، تسربت بعض الأخبار التي تقول إن هناك ‘شناقة’ كانوا يعلمون بأن الحكومة ستتخذ هذا الإجراء، وقد اقتنوها، مستفيدين من قلة الطلب عليها خارجيًا، ولم يدخلوها إلى المغرب إلا بعد دخول الدعم حيز التنفيذ”.
ويرى البرلماني أن “هذا الأمر يضعنا أمام فضيحة أخلاقية وسياسية بخصوص تسريب المعلومة إلى المستوردين، وهو ما يمكن اعتباره إفشاء للسر المهني، ويتزايد الإحراج حين نعلم أن المتهمين ينتمون لحزب التجمع الوطني للأحرار”.
وختم البرلماني، “هذه نقطة واحدة من الأشياء التي تريد الحكومة إخفائها، وهي أيضًا تريد أن يظل التحقيق محصورًا في البرلمان وألا ينتقل إلى القضاء، وهو ما تتيحه لنا لجنة التقصي”.
ومعلوم أن هناك فرقا كبيرا بين لجنة تقصي الحقائق والمهمة الاستطلاعية، حيث يكمن الفارق الأساسي في “القيمة السياسية والدستورية التي تتمتع بها لجان تقصي الحقائق، حيث تحظى، وفقاً للدستور، بطابع دستوري ومؤسسي، ويتم تشكيلها بناءً على طلب ثلث أعضاء مجلس النواب (132 عضوا) أو بأمر من الملك، مما يمنحها قوة قانونية خاصة. كما يتم عرض تقرير اللجنة على البرلمان، ويمكن إحالة التقرير إلى القضاء، مما يعزز من تأثيره”.
أما اللجان الاستطلاعية، فهي آلية رقابية منصوص عليها في النظام الداخلي لمجلس النواب، وتتسم بمرونة أكبر حيث تُشكّل على مستوى اللجان وفقاً لاتفاق مع مكتب المجلس. وتُخصص بشكل رئيسي للقيام بزيارات ميدانية أو متابعة تنفيذ السياسات العمومية، وعادة ما تعالج قضايا تعتبر أقل خطورة مقارنة بتلك التي تتطلب تشكيل لجان تقصي الحقائق. تقارير اللجان الاستطلاعية تُناقش أمام اللجنة المعنية ولا تُحال إلى القضاء، مما يجعل تأثيرها السياسي والقانوني أقل من لجان تقصي الحقائق.