أين المساءلة؟ بيانات الملايين تُنهب… والردّ الوحيد: ‘ممنوع نشر الخبر’!

التهديد بدل الاعتذار
في مشهدٍ يُلخّص أزمة الثقة بين المؤسسات والمواطنين، يخرج الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي ببلاغٍ لا يعترف بمسؤوليته عن كارثة تسريب البيانات الشخصية للمواطنين، بل يُهدّد بمقاضاة من يتداولها! بينما المفترض أن يكون السؤال الأخلاقي والقانوني: كيف سقطت هذه البيانات بأيدي القراصنة أصلاً؟
1. البيانات “المضللة” أم الإدارة المضلّلة؟
يحاول الصندوق التخفيف من فداحة الاختراق بوصف الوثائق المسربة بأنها “مضللة” أو “مبتورة”، لكنه يتجاهل حقيقةً واحدة: هذه البيانات خرجت من خوادمه، ولم يُنكر أنها تعرضت لاختراق. اللعب على مصطلحات مثل “التضليل” هو محاولة لتحويل الانتباه عن الجرح الحقيقي: غياب الحماية الرقمية لمنظومة تُخزّن معلومات حساسةً للملايين.
“إذا كانت البيانات مزورة، فلماذا التهديد بمقاضاة من يشاركها؟ المفارقة تكشف أن المشكلة ليست في ‘تزوير’ البيانات، بل في تسريبها من الأصل!”
2. المواطنون ضحايا.. والمجرمون؟!
الأكثر استفزازاً في البلاغ هو تحذير المواطنين من “المساءلة القانونية” إذا تداولوا البيانات المسربة. هنا يُكرّس الصندوق منطقاً مقلوباً:
– الضحية(المواطن الذي سُرقت بياناته) يُطلب منه الصمت.
– المتسبب (المؤسسة التي فشلت في حمايتها) يلعب دور الواعظ!
أين المسؤولية الأخلاقية؟ لماذا لا تُوجّه الاتهامات للمسؤولين عن الأمن السيبراني الهش؟
- إشهار -
3. ثقافة التعتيم بدل الشفافية
البلاغ يذكر “تحقيقات داخلية”، لكن التاريخ يُعلّمنا أن مثل هذه التحقيقات غالباً ما تُختتم بـ”إجراءات تأديبية” شكلية. ما يحتاجه المواطنون هو:
– تقريرٌ علني مستقل (ليس داخلياً) عن حجم التسريب وأسبابه.
– تعويضات للمتضررين ممن قد يُستهدفون بالاحتيال المالي أو الابتزاز.
– إقالة المسؤولين عن الإدارة الأمنية الفاشلة.
4. دروس من العالم: كيف تتعامل الدول مع كوارث البيانات؟
في الاتحاد الأوروبي، يُلزم القانون العام لحماية البيانات (*GDPR*) المؤسسة بالإعلان عن الاختراق خلال 72 ساعة، مع غرامات تصل إلى 4% من مداخيلها السنوية. أما في المغرب، فغياب عقوبات رادعة يُشجّع على التكرار.
كفى إلقاءً للتبعات على الضحايا!
الاختراق الأمني جريمة، لكن تحميل الضحايا تبعاتها جريمة أكبر. على الصندوق:
1. الاعتذار العلني بدل التهديد.
2. كشف الحقائق كاملةً دون تمييع.
3. إصلاح النظام الأمني بمراجعة خارجية.
4. التعويض العاجل للمتضررين.
المواطنون ليسوا أعداءً، بل شركاء في منظومة كان عليكم حمايتها. حين تهددونهم، لا تحمون هيبة المؤسسة، بل تُهدمون آخر بقايا ثقتهم.