“الفراقشية”.. الأغلبية البرلمانية تنسف دعوة المعارضة للجنة تقصي الحقائق

في تطور جديد على مستوى النقاش البرلماني بشأن الدعم الحكومي لقطاع المواشي، تقدّمت فرق الأغلبية بمجلس النواب، اليوم الأربعاء 9 ابريل الجاري، بطلب رسمي لتنظيم مهمة استطلاعية للوقوف على حيثيات الدعم المخصص لاستيراد الأبقار والأغنام منذ عام 2022، بالإضافة إلى تقييم السياسات المعتمدة في مجال تربية القطيع الوطني.
ويأتي هذا التحرك بعد يومين من مبادرة فرق المعارضة التي دعت إلى تشكيل لجنة لتقصي الحقائق حول نفس الموضوع، في رد على المبادرة، الأمر الذي يمكن اعتباره “محاولة لسحب البسطا من المعارضة”
وتقدم بالطلب فرق التجمع الوطني للأحرار، الاستقلال، الأصالة والمعاصرة، والدستوري الديمقراطي الاجتماعي، وفق ما اطلع على ذلك موقع “بديل”، حيث دعوا رئيس لجنة القطاعات الإنتاجية إلى إطلاق مهمة استطلاعية تهدف إلى دراسة تفاصيل الدعم المالي والإعفاءات الجمركية والضريبية التي منحت لمستوردي المواشي، إضافة إلى التحقق من مدى تحقيق هذه الإجراءات لأهدافها، وفي مقدمتها حماية القدرة الشرائية للمواطنين.
وتُطرح هذه المبادرات البرلمانية في ظل تصاعد الجدل الشعبي حول مدى شفافية وجدوى القرارات الحكومية المتخذة منذ أواخر 2022، والتي تضمنت دعما مباشرا بقيمة 500 درهم عن كل رأس غنم موجه للذبح خلال موسمي عيد الأضحى لعامي 2023 و2024، فضلا عن حوافز وإعفاءات مثيرة للجدل.
وفي خرجتين مستقلتين، تحدث نزار بركة، وزير النقل، ووزير الصناعة والتجارة، رياض مزور، عن وجود 18 شخصًا استفادوا من 13 مليار درهم، دون أن يكون لهذا الدعم أي أثر على أسعار اللحوم الحمراء وأضاحي العيد خلال السنوات الماضية.
ويوم الإثنين 7 أبريل الجاري، أحرجت فِرَق ومجموعة المعارضة بمجلس النواب حزب الاستقلال وفريقه البرلماني، بعد أن وجد نفسه في موقف مُحرج، إثر التصريحات التي أطلقها قادته.
وأعلن كل من فريق التقدم والاشتراكية، وفريق الحركة الشعبية، ومجموعة العدالة والتنمية، ضمن بلاغ مشترك (قبل أن يلتحق الفريق الاشتراكي – المعارضة الاتحادية فيما بعد)، عن إطلاق مبادرة لتشكيل لجنة نيابية لتقصي الحقائق حول الوقائع المتعلقة بمختلف أشكال الدعم الحكومي الموجَّه لاستيراد المواشي.
ومن المعلوم أن تشكيل المهمة الاستطلاعية أسهل بكثير من تشكيل لجنة نيابية لتقصي الحقائق، التي تحتاج لموافقة 132 برلمانيًا (ثلث أعضاء المجلس)، في الوقت الذي لا تحتاج الأولى إلا إلى ذلك العدد داخل اللجنة فقط.
وبالعودة إلى المادة 107 من النظام الداخلي لمجلس النواب، يجوز للجان الدائمة أن تُكلّف، بناءً على طلب من رئيسها بعد موافقة مكتب اللجنة أو رئيس فريق أو رئيس مجموعة نيابية أو ثلث أعضاء اللجنة، عضوين أو أكثر من أعضائها، بمهمة استطلاعية مؤقتة حول موضوع محدد.
وضمن تصريح سابق، اعتبر مصدر برلماني ينتمي إلى المكونات الموقعة على بلاغ تشكيل لجنة تقصي الحقائق، ضمن تصريح لموقع “بديل”، أن خطوة الأغلبية “هي محاولة لنسف المبادرة التي أطلقتها المعارضة”.
- إشهار -
وتجدر الإشارة إلى أن فرق المعارضة الموقعة على البلاغ تتشكل من 60 نائبًا، وحتى وإن أضفنا إليهم فريق الاتحاد الاشتراكي، فإن العدد سيكون 95، وهو أقل من العدد المطلوب لتشكيل لجنة تقصي الحقائق، الأمر الذي يعني أنها بحاجة لدعم احد مكونات الأغلبية.
وقال رئيس مركز شمال إفريقيا للدراسات والأبحاث وتقييم السياسات العمومية، رشيد لزرق، ان “تشكيل لجان تقصي الحقائق واللجان الاستطلاعية آليتان من أدوات الرقابة البرلمانية والحكومية، لكنهما تختلفان في جوهر عملهما وصلاحياتهما”.
وأوضح لزرق، ضمن تصريح لموقع “بديل”، “لجان تقصي الحقائق هي آلية برلمانية لها سلطات أكبر، إذ يمكنها استدعاء الشهود واستجوابهم تحت القسم وطلب وثائق رسمية، وتُشكَّل عادةً للتحقيق في قضايا محددة ذات خطورة أو أهمية استثنائية، وتنتهي بإصدار تقرير يتضمن نتائج قطعية وتوصيات ملزمة”.
وبخصوص اللجان الاستطلاعية، قال أستاذ القانون الدستوري بجامعة ابن طفيل، “دورها أكثر مرونة وأقل رسمية، حيث تهدف إلى جمع المعلومات الأولية وتكوين صورة عامة حول موضوع معين دون الوصول بالضرورة إلى استنتاجات نهائية”.
ويرى لزرق أن “الدعوة لمهمة استطلاعية بدل التوقيع مع المعارضة على تشكيل لجنة تقصي الحقائق، يبتغي رفع الإحراج السياسي، خاصة بعد تصريحات الأمين العام لحزب الاستقلال حول اختلالات برنامج دعم المواشي”.
وشدد لزرق، أن توقيع الاستقلال على المهمة الاستطلاعية وعدم دعم لجنة تقصي الحقائق “يُسائل مصداقية التصريحات والجرأة السياسية في تفعيل الأدوات التي منحها الدستور لتقوية سلطات البرلمان”، مؤكدًا أن “الدعوة لمهمة استطلاعية عوض دعم لجنة التقصي هو تراجع عن تصريحات الأمين العام، التي لم تكن سوى مناورة سياسوية الغاية منها الحصول على غنائم سياسية، بعيدًا كل البعد عن كشف الحقيقة”.
ونهاية مارس المنصرم، نفى رئيس مجلس النواب وعضو المكتب السياسي لحزب التجمع الوطني للأحرار، راشيد الطالبي العلمي، صحة ما صرح به نزار بركة، بشأن عملية استيراد المواشي.
وقال العلمي خلال ندوة نظمتها مؤسسة الفقيه التطواني إن “عدد مستوردي المواشي يصل إلى 100 وليس 18، وأن التكلفة المالية للعملية تبلغ 300 مليون درهم، وليس 13 مليار درهم كما تم تداوله”.