هل انتهى عزيز أخنوش؟

انطلق السباق نحو “حكومة المونديال”، وبدأت الأحزاب السياسية المغربية، ومن ضمنها تلك المشكلة للأغلبية الحكوية، في الاستعداد لانتخابات 2026، التي يرتقب أن تشكل علامة فارقة في التاريخ المغربي المعاصر، بالنظر لحجم التحديات الاقتصادية والاجتماعية المطروحة عليها، وبالنظر للدور الذي يجب أن تلعبه.
ويعتبر عزيز أخنوش، الشخصية التي يمكن أن نكثف فيها حزب التجمع الوطني للأحرار، باعتباره “حزبا إداريا” وحزبا “للباطرونا”، رقما يصعب تجاوزه، سواء بالنظر لدوره السياسي كرئيس للحكومة، أو لدوره الاقتصادي كواحد من أغنى أغنياء المغرب، والمتحكم الأول في عدد من القطاعات الرئيسية للاقتصاد المغربي.
هل انتهى عزيز أخنوش؟، سؤال يجد مشروعيته عند الوقوف على حجم وقوة الخرجات الأخيرة لعدد من الفاعلين السياسيين من الأغلبية والمعارضة، سواء تلك العلنية أو بعض ما يتم تداوله داخل الجلسات الخاصة.
وقبل أيام قليلة، طالب البرلماني والقيادي في حزب الاستقلال، عبد الرحيم بوعيدة، بـ”الانسحاب من الحكومة التي يقودها التجمع الوطني للأحرار”، معتبرا، ضمن تصريحات نقله موقع “العمق” أن استمرار الاستقلال في حكومة أخنوش “سيؤدي إلى الموت قبل حلول الانتخابات القادمة التي يمني النفس بتصدرها”.
وأضاف بوعيدة، “أنصح حزب الاستقلال بالانسحاب من الحكومة والاصطفاف في المعارضة، لأن الواقع داخل الحكومة لا يخدمنا. وإذا كان لحزب الاستقلال طموح الحصول على المرتبة الأولى في الانتخابات المقبلة، فعليه مغادرة الحكومة”.
ومعلوم أن أمين عام حزب الاستقلال ووزير التجهيز والماء، نزار بركة، كان قد وجه “انتقادات حادة” لحكومة عزيز أخنوش، مبرزا “ضعفها وتأخرها” في تنفيذ بعض المشاريع الكبرى.
واتهم بركة، في خرجات سابقة، الحكومة بعدم القدرة على تنفيذ المشاريع الكبرى في الوقت المحدد، مشيرا إلى أن هذا التأخر يُضر بمصالح المواطنين ويؤثر سلبا على التنمية الاقتصادية.
كما انتقد بركة غياب التنسيق بين الوزراء، مما يؤدي إلى تضارب في السياسات والقرارات، ويعكس ضعفا في التنسيق الحكومي، مؤكدا على أهمية التعاون بين الأحزاب لضمان استقرار الحكومة وتحقيق التنمية المستدامة.
من جهتها انتقدت وزيرة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة وعضوة المكتب السياسي لحزب الأصالة والمعاصرة، ليلى بنعلي، عزيز أخنوش، خلال استضافتها مؤخرا من طرف مؤسسة الفقيه التطواني، بخصوص تضارب المصالح وحصول شركاته على صفقات عمومية أشرف عليها بصفته رئيسا للحكومة ورئيسا للإدارة العمومية.
وكان وزير الصناعة والتجارة الاستقلالي رياض مزور، قد اعتبر، في خرجة سابقة، أن الإنتقادات التي توجه لرئيس الحكومة عزيز أخنوش عادية، مشددا على أن “الحكومة لا تخلق ما يكفي من فرص الشغل”، وطالبها بـ”مضاعفة الجهود”.
- إشهار -
وقال عضو المكتب السياسي لحزب الاستقلال، “نحن سنتنافس من أجل الحصول على المرتبة الأولى في الانتخابات المقبلة ليقود حزبنا الحكومة”.
وخلال لقاء حزبي في يناير الماضي، أكدت منسقة القيادة الجماعية لحزب الأصالة والمعاصرة، وزيرة الإسكان، فاطمة الزهراء المنصوري، أن “الأجواء الانتخابية بدأت”، وأن “طموح بنات وأبناء الحزب خلال الانتخابات التشريعية المقبلة هو المرتبة الأولى”.
ويحاول الكثير من أعضاء أحزاب الأغلبية الحكومية، سواء بطريقة مباشرة أو من خلال اللّمز، تحميل عزيز أخنوش وحده مسؤولية الأوضاع الاقتصادية المتردية للمغاربة وتدهور قدرتهم الشرائية، وكل المشاكل الاقتصادية ومن ضمنها ارتفاع معدلات البطالة وتراجع الاستثمارت الأجنبية، حتى أصبح الخطاب السائد لدى قطاع عريض من المواطنين، هو أن “أخنوش هو سبب الغلاء”.
وبغض النظر عن تقيم تجربة حكومة عزيز أخنوش، فإن هناك حالة غضب كبيرة منها، حيث يحمله قطاع عريض من المغاربة مسؤولية تدهور معيشتهم، ويعلقون عليها “الفشل الكبير” لمجموعة من المخططات الكبرى، وهذا ما يعني أن هناك شخصا أو جهة ما يجب أن تدفع الثمن، يعني أن هناك جهة ما –بغض النظر من مدى مسؤوليتها الفعلية- يجب أن يعلق عليها “هذا الفشل الذريع”، من أجل ارضاء الشارع.
وجوابا على سؤال حول سبب الانتقادات الكبيرة التي توجه لرئيس الحكومة، يرى رئيس مركز شمال إفريقيا للدراسات والأبحاث وتقييم السياسات العمومية، رشيد لزرق، أن “الهجوم الذي يتعرض له عزيز أخنوش مفهوم وعادي، لأن حزب التجمع الوطني للأحرار الذي يقود الحكومة يتجسد فيه، باعتباره شخصية محورية في النمط السياسي المغربي.
وقال لزرق، ضمن تصريح لموقع “بديل”، “من الصعب الجزم بأن عزيز أخنوش كظاهرة سياسية انتهت، والهجوم الذي يتعرض له سواء من خارج الحكومة أو من داخلها لا يمكن تفسيره دائما بالمعارضة أو بسبب رفض سياساته، فمن الممكن أن يكون السبب الرئيسي للهجوم على أخنوش هو الابتزاز للحصول على امتيازات سياسية او المقايضة”.
وذكّر لزرق بالانتقادات التي كان يوجهها عبد اللطيف وهبي، حين كان أمينا عاما لحزب الأصالة والمعاصرة، قبل انتخابات 2021، “والتي ظهر بعد ذلك أنها كانت مجرد ‘تاكتيك سياسي’ للبحث عن موقع داخل الحكومة، خصوصا أن كل المؤشرات قبل تلك الاستحقاقات كانت تؤكد أن أخنوش هو من سيقود الحكومة”.
وحول هل أخنوش مؤهل لقيادة حكومة 2026، يرى لزرق أن “الجواب على هذا السؤال مرتبط بإرادة الناخبين والناخبات، ومن الصعب الحسم في أهليته من عدمها، مع التأكيد على أن الظاهرة الانتخابية في المغرب تحكمها آليات اخرى، مخالفة لما يتم الحديث عنه داخل مواقع التواصل الاجتماعي”.
ونبه لزرق إلى أن توجيه النقد لأخنوش يمكن أن تكون وراءه أهداف غير معلنة، مقدما مثالا بما قام به أمين عام الاتحاد المغربي للشغل، الميلودي مخاريق، الذي هاجم وانتقد اخنوش وحكومته بشكل كبير- وهو المعروف بقربه منه- ودعا للإضراب العام، قبل أيام قليلة من المؤتمر 13 للنقابة، ليتمكن بعد ذلك من الاستمرار في قيادة النقابة لولاية رابعة دون أن يشكل ذلك موضوعا للنقاش والانتقاد والرفض.