يا عرب في القاموس كلمة اسمها: “لا”، جربوا استعمالها

قمة عربية مصغرة في الرياض لكتابة جواب على رسالة ترامب التي بعثها كالصاروخ البالستي إلى مصر والأردن، وخلفهما العرب العاربة…
السؤال الترامبي هذا نصه بالعربي الفصيح: إذا لم تجدوا حلاً لغزة يرضي صديقي وحليفي نتنياهو، فإني أبشركم بترحيل سريع لمليوني فلسطيني إلى أرضكم.
أما المقابل، فقد تقاضيتموه نقدًا من المساعدات التي نخصصها لعمان والقاهرة كل سنة من أموال دافعي ضرائبنا، وتقاضيتموه سياسةً بدعم أنظمتكم ضد شعوبكم. لقد أغمضنا عيوننا على ما تعرفون، والآن جاء وقت الدفع فلا تتلكؤوا…
ملك الأردن مرَّ بامتحان عسير في البيت الأبيض، ظهر على ملامحه وظهر أكثر على وسائل التواصل الاجتماعي في بلاده وفي العالم العربي.
أما رئيس مصر، فاكتفى بالتعليق من بعيد على “الريفيرا الفلسطينية” الموعودة، وقال: “عندي حل”.
وها هم قادة الخليج ومصر سيجتمعون في شتاء الرياض الدافئ لمحاولة امتصاص الصدمة وإرضاء ترامب ونتنياهو. وللأسف، البدائل القليلة على الطاولة، والحيل نادرة في الجعبة العربية…
والله المستعان.
ترامب ليس غبيًا ليصدق حكاية اقتلاع مليوني فلسطيني من أرضهم، وليس رجل حرب ليبعث المارينز إلى غزة لتطهيرها من المقاومة وشحن سكانها في بوارج حربية إلى المنفى.
لكنه ليس صبورًا ليسمع كلامًا، بالعربية أو الإنجليزية، عن إعادة إعمار غزة وتهدئة الأوضاع ورفض التهجير والاستمرار في الوساطة بين إسرائيل وحماس.
إنه يريد هدية أكبر من الخيمة العربية المعروفة بالكرم الحاتمي، خاصة اتجاه “العم سام”…
يريد قوة عربية عسكرية استخباراتية في غزة لإكمال المهمة التي لم يقدر نتنياهو على إنجازها في 15 شهرًا. يريد نزع حكم غزة من يد حماس، وإعادة ترتيب القطاع، ونزع أسنانه وأظافره، ومحو ثقافة المقاومة من عقول أطفاله…
مهمة شبه مستحيلة على العرب أمام شعب الجبارين وامام رأي عام عربي مجروح من جرائم الإبادة الجماعية التي تورط فيها الجيش الإسرائيلي، ومجروح أكثر من تقاعس الأنظمة الرسمية العربية عن الرد، ولو سياسيًا، على إبادة الفلسطينيين.
فكيف سيقدم حاكم الأردن، وحاكم مصر، وحاكم الرياض على وضع المزيد من الملح في الجرح النازف؟ إنها مخاطرة باستقرار هذه الدول لا يقدم عليها نصف عاقل…
لم يتعود الناس البسطاء مثلي أن ينتظروا شيئًا من اجتماعات القمم العربية، صغيرها وكبيرها. حتى الحاكم الذي كان يضفي شيئًا من الفرجة والسخرية في الجو الرتيب لهذه القمم، قُتل في الصحراء مجرد يتيم، وهو يصيح في وجه شعبه: “من أنتم؟ من أنتم أيها الجرذان؟”. تعرفون عمن أتحدث…
- إشهار -
مرة قال القذافي في إحدى اجتماعات القمة العربية: “ماذا تغير من القمة العربية السابقة إلى هذه القمة الان ؟ لا شيء، أو بالأحرى شيء واحد تغير، وهو وزن أخي أمير قطر حمد بن خليفة آل ثاني”.
وضحك الأخير من النكتة أكثر من أي شخص آخر، لأنها الحقيقة الوحيدة التي قيلت في كل اجتماعات الجامعة العربية، التي يقال عنها في مصر إنها ذات موقف كبير جدًا… موقف سيارات وسط القاهرة!
الآن لنمر إلى الحل …
رسالة واحدة ممكنة على مقترح ترامب الإجرامي، وهي قول: “لا” واضحة، جازمة، وبلا تردد. هل هذا كافٍ؟ لا. وما العمل؟
يعقب كلمة “لا”، مشروع جاد وحدي وبميزانية معلنة ، أشبه بـ”مشروع مارشال عربي”،
-لإعادة بناء غزة، وإطعام أهلها واعطائهم أملا في الغد،
-وفك الحصار عنهم وعدم العودة لما قبل السابع من اكتوبر،
– خلق جو سياسي لإعادة بناء الحركة الوطنية الفلسطينية، وتوحيد فصائلها، والإفراج الفوري عن القائد الفتحاوي مروان البرغوثي من سجون الاحتلال، لأنه الاسم الوحيد المتفق عليه فلسطينيًا، والقادر على قيادة شعبه في الضفة وغزة والقدس، من أجل الاستعداد لمسار سياسي ودبلوماسي وكفاحي طويل ومعقد، لتحطيم قيد الاحتلال.
– العودة إلى مسار تفاوضي دولي جديد وجدي، بضمانات أممية أوروبية، صينية، روسية، أمريكية، وعربية، على قاعدة إنهاء نظام التمييز العنصري في إسرائيل، وإعلان قيام دولة واحدة ديمقراطية لشعبين، يتعايش فيها اليهود والمسلمون والمسيحيون بوئام وسلام وما وسعهم ذلك …
لقد قتل الاستيطان في الضفة الغربية والقدس الشرقية وقانون “يهودية الدولة” وصعود اليمين الديني المتطرف حلَّ الدولتين تماما .
والآن، من الأسهل إقناع العالم وعقلاء اسرائيل على قلتهم بتعايش سكان هذه الأرض المقدسة في دولة واحدة ديمقراطية تضمن حقوق الجميع كمواطنين ، بدلًا من فك الارتباط بين المسلمين واليهود والعيش في دولتين، إحداهما قوية وعنصرية وعسكرية، والثانية ضعيفة، منزوعة السلاح، مفككة، وبلا موارد… هذا لم يعد حلًا، بل تلغيمًا للمنطقة كلها، وسيستمر العداء في النمو والظلم في النفخ على الجمر.
اه نسيت بندا آخر في رسالة العرب إلى ترامب … بند يقول: أيها الرئيس الأمريكي الفج، لا تعد لتخويفنا من شعوبنا، لقد قررنا ان نشرع في التصالح معه، وخطب وده، والتنازل له على جزء من حقوقه، انه زادنا الحقيقي في هذه المعركة، وخط دفاعنا الأخير أمام الفوضى التي تريد ادخال العالم العربي اليها ارضاء لعيون (بيبي) …