رأس السنة الأمازيغية بين علماء المغرب وأتباع الإيديولوجيات الأجنبية


أحمد عصيد

لايعرف المتطرفون الدينيون قيمة الحضارة، ولذلك لا يفهمون ما أنتجته على مر القرون. تاريخ المغرب لم يبدأ بمجيء الأديان، بل وجد كجغرافيا وأرض ووطن وشعب قبل جميع الديانات، واحتضنها جميعها كما احتضن لغات وثقافات عدة فكان ملتقى عناصر حضارية عظيمة.

هذا الانتماء إلى الأرض يجعل احتفاليات رأس السنة الأمازيغية ذات دلالات عميقة، وعلى الدولة المغربية ترسيم هذه المناسبة وإعلانها عيدا وطنيا ويوم عطلة لتعميق هذا الشعور الوطني.

ولعل الدرس الذي يمكن تقديمه للمتطرفين من ذوي نمط التدين الأجنبي هو النص الجميل الذي كتبه العلامة محمد المختار السوسي في كتابه “المعسول” في وصف عادات وتقاليد “إض إناير” بكل موضوعية واحترام لعادات الشعب المغربي على الشكل التالي:

“المعتاد في أول السنة الفلاحية من أنواع الأطعمة الإلغية نوع يسمى “أوركيمن” يصنع من حبوب الذرة والقمح والفول والعدس واللفت اليابس مع الأكرعة التي تجمع لذلك من قبل، يطبخ الجميع في قدر طبخا جيدا طوال النهار، ويتحين صنع هذا الطعام في ليلة أول السنة”.

- إشهار -

ويضيف العلامة واصفا المعتقدات الشعبية الأسطورية القديمة التي تمارس في هذه المناسبة دون تسفيهها أو تكفير أهلها قائلا :” والنساء الإلغيات يطبخنه تيمنا ودرءا للعين والجن.

لذلك يعمد بعضهن إلى إراقة بعض مرق هذا المطبوخ على بعض زوايا الدار، وإزاء أسراب المياه من الساحات وداخل المنزل، وما هي بالعادة الوحيدة التي تصنع ليلة أول السنة، فأتذكر أن الناس يحرصون على ألا يبيت أي واحد خارج منزله مسافرا، ويرى بعضهم أن من لم يبت في داره تلك الليلة لا يزال مفارقا لداره طول السنة”.

فلينظر المغاربة إلى الفرق بين علماء الدين الحقيقيين الملتحمين بأوطانهم، وأدعياء الدين الهائمين على وجوههم من أصحاب اللحى الفولكلورية.

أعجبك المقال؟ شاركه على منصتك المفضلة..
قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد